الجردة العظيمة


مضى وقت طويل، طويل جداً بالحساب الرقمي للوقت، لكنّه تعاظم بداخلي عندما كنت استرجع كلّ مرّة مدونتي وفكرة هجراني الطويل لها. السبب؟ لا توجد أسباب مُقنعة للتوقف عن التدوين إلا إذا استبد الكسل بالكاتب. والكسل هو السبب الوحيد. لأنني ومن جهة أخرى وجدت الوقت للتدوين المصغر على تويتر، والتدوين المصور –اليومي- على شبكة Instagram الاجتماعية. خلال الأشهر الأولى من هذا العام تنقلت كثيراً وأهملت غرفتي سكني الأول والأهمّ، كنت أعود لعدة أيام وارتدي ملابسي من الحقيبة وأعيدها فيها وانطلق من جديد وهكذا. تكدست الأوراق والكتب والهدايا وطرود البريد على طاولة في طرف الغرفة، وكانت الصدمة الحقيقية في منتصف مايو الماضي عندما فتحت الستائر أخيراً وعلمت بأنني سأبقى عدة أشهر في المنزل. لم يكن هناك عذر واحد للفوضى العارمة التي أعيشها، وأصبحت الفوضى تهدد صحتّي وصحة الهرة المسكينة التي تشاركني السكن في الغرفة. قررت خلال عدة ساعات أنّ الجردة العظيمة آن وقتها، وأنّني لن اكتفي بتنظيف الغرفة ومسح الغبار وإعادة كلّ شيء مكانه، بل سيمتد العمل لنقل الأثاث والتخلص من كلّ ما اثقل كاهل البناء ورأسي للابد! بالإضافة طبعاً لتغيير لون الجدران واقتناء خزائن واستكمال ما أجلت القيام به منذ وقت طويل.

قبل عدة أشهر وُلدت الفكرة، لكنني ترددت في تنفيذها، لدينا دائما ذلك الشعور المخيف في التمسك بالمقتنيات المادية –والمعنوية بالضرورة- ونتصور أن هذه الأكداس اكسجيننا الذي لا نمكن العيش بدونه. ما إن نفتح الصناديق ونبدأ الترتيب سنفاجأ بحقيقة إنها كومة قمامة ستلتهمنا يوماً ما. وهذا ما حصل معي. ولدت فكرة الجرد والترتيب بعد قراءة لعدد خصصته مجلة أوبرا الأمريكية لنفي الفوضى من حياتنا. لم يكن مصادفة فأنت ما إن تقرر القيام بأمر، تجتذب عينيك كل الصور والكلمات المرتبطة به لأنك تنبهت له بالكامل. وبعد مجلة أوبرا توالت التدوينات والمواقع التي تحرضني على فعلها و”تنظيف حياتي”.

متابعة قراءة الجردة العظيمة