٢٦ أغسطس

أنهيت مهام ليلة الأحد باكرًا اليوم وجلست للتفكير في التدوينة، بلا ضغط أو تأهب. أتذكر دائمًا مبدأ التخلص من الالتزامات وأذكر نفسي أن التدوينة الأسبوعية هذه ستكون تمرين كتابي جيّد في سباق المسافات الطويلة -إنجاز كتابي مثلا. كان الأسبوع قبل الأخير من أغسطس حافل بالعمل والزيارات والقصص. التقيت فيه عدة صديقات بعد عدة أشهر من الانقطاع وتبادلنا آخر الأخبار وتفاصيل الحياة التي لم نشاركها على منصات التواصل الاجتماعي.

وضعت من يدي كتاب حاولت جاهدة مواصلة القراءة فيه بلا جدوى! الرواية المكتوبة بطريقة مختلفة «خلية النحل» كاميلو خوسيه ثيلا فشلت في القبض على انتباهي. أحب الكاتب وأتابع المترجم وقرأت له عدة مرات. عندما يحبطني كتاب اتردد في اختياري التالي وأعود لقوائم مشترياتي القديمة وأنبش الرفوف. وفي المرتبة التالية: المقالات الطويلة التي تصلني في النشرات البريدية أو أحفظها في قائمة مفضلة لا نهائية. لديّ كتاب عن الخبز وآخر عن قطّ مفقود وثالث عن سلسلة جرائم في أوكلاهوما الأمريكية. سأنتظر بداية الأسبوع واتبع مزاجي أينما ذهب.

عدت لضبط موعد استيقاظي من النوم بعد فترة خمول ووجدت أن الحضور المبكر للمكتب وبدء العمل قبل ازدحام المكاتب المشتركة أفضل شيء اخترته لطاقتي وتركيزي.

قرأت خلال الأسبوع ضمن نشرة Brain Food فكرة مثيرة للاهتمام عن مفهوم التفوّق – أو ما يجعل بعض الأفراد متفوقين على غيرهم سابقين لهم. وأوجزت الفكرة تسعة أسباب لذلك أترجمها هنا:

  • الموهبة والذكاء. بعض الأشخاص أفضل وأكثر ذكاء بطبيعتهم.
  • العمل الجاد، فالبعض يعمل بجهد أكبر.
  • التفاوت في رؤية العالم بشكل مختلف. تجربة الأشياء المختلفة، قراءة كتب مختلفة، وتفسير المعلومات بشكل مختلف.
  • الانضباط والنظام. ويقصد به تصميم نظام للعمل والعيش والمواظبة عليه (التمرين اليومي مثلا).
  • اقتناص المواهب البعض لديه المهارة في توظيف أفضل الناس وتحفيزهم لتقديم أفضل ما لديهم.
  • الصبر. انعدام الصّبر يغير النتائج.
  • القدرة على تحمّل الألم. ما هو مقدار المخاطرة التي يمكنك تحملها؟ والأهم من هذا: هل يمكنك التعامل مع الخسائر؟
  • الطباع والحالة المزاجية والحفاظ على ثباتك عندما يفقد الآخرين عقولهم.

أشاهد حاليًا -ببطء- مسلسل Halt and Catch Fire.  المسلسل الدرامي الذي يقع في أربعة مواسم ويصوّر فترة ثورة الكمبيوتر الشخصي في الثمانينات وبداية شبكة الانترنت. أعادني المسلسل لأيام الدراسة ومقررات البرمجة البدائية. ولكن بصورة أكبر أثار بداخلي شغفًا خفيًا لبدء مشروع عظيم والسهر لتحقيقه. أحببت تطور الاحداث التدريجي وتعلقي بكل الشخصيات بلا استثناء وهذا نادر الحدوث! دائما لدي شخصية أو اثنتين مفضلة في سياق الأحداث. الكتابة رائعة ولدي استفهام كبير عن شكل نهاية المسلسل؟ لماذا لم يمتد لأبعد من أربعة مواسم؟ تبقى لي موسم ونصف تقريبًا وسأجد الإجابة.

اكتشفت قناة يوتوب مليئة بالفيديوهات الممتعة تقدّمها مطورة وصفات وطاهية بريطانية اسمها تيش وندرز. لديها أيضا كتب وصفات رقمية جاهزة للاقتناء. لكن اقترح عليكم أولا مشاهدة الفيديوهات والوصفات قبل الشراء. الوصفات مناسبة للطهي في المنزل والتقليل من الأكل خارجه. وأعطتني أفكار لذيذة لغداءات العمل.

.

.

١٧ فبراير

استذكر هذه الفترة اقتباس حول الكتابة لمارلين روبنسون:

«اكتب عندما تسيطر عليّ الرغبة في الكتابة بقوّة. عندما لا أشعر بذلك لا أكتب، لا أكتب مهما حاولت. حتى وإن أردت العمل على كتابة شيء من أجل الاستمرار فإنني انتهي إلى كره ما كتبته، وهذا يصيبني بالكآبة. لا أريد الانتظار حتى يحترق الورق ويصعد للخارج عبر المدخنة.»

اكتب كلّ يوم في مكانٍ آخر، بعيدًا عن مساحتي المفضلة لكنّها كتابة بشكل أو آخر حتى وإن لم تحمل اسمي أو مشاعري أو يومياتي. أكتب في دفتر للمذكرات وأقفز عدة صفحات عندما لا أشعر بذلك.

*

استقرّ معنى الشتاء في قلبي هذا العام بشكل كامل. الاختلاء بالنفس، الهدوء، التباطؤ، والكثير من الفوضى. مراقبة الطبيعة وهي تنفض عنها كلّ حليتها وتسكن حتى تمر العاصفة وتطهّرها بطريقة ما. هذا التذكير السنوي الذي تحدّثت عنه الكاتبة كاثرين ماي في كتابها Wintering الذي لم انتهِ من قراءته حتى الآن لكنّ اقتباسًا منه قادني إليه:

«لدينا مواسم نزدهر فيها ومواسم تساقط فيها أوراقنا، وتكشف عن عظامنا العارية. وبمرور الوقت تنمو مرة أخرى».

مع كلّ هذا التحول البطيء يظهر الصبر كقيمة جوهرية، قبل عدة سنوات وخلال بحث مطوّل عن قيمي التي أعيش بها وحصرها لأتذكرها كلما اشتدت الحياة وتحولت كان الصّبر يظهر بينها متكررًا بإصرار. كلما تسلل الشكّ إلى نفسي حول جدوى كلّ شيء أتذكر: الصبر الصبر الصبر.

وبينما كنت أكتب عن الصبر وصلتني النشرة البريدية الأسبوعية من جيمس كلير وضحكت من الاقتباس الذي توسطها:

«الصبر لا ينفع إلا إذا ربطته بالعمل.

أن تعمل على شيء + الصبر= النتائج

التخطيط للعمل+ الصبر= الانتظار فقط»

**

لو التقطت كاميرا علوية صورة لسريري خلال أشهر السنة ستكون المساحة الأكبر منه محجوزة لقطّتي. في الصيف تحبّ النوم على أقدامي ربما تظن أنها المنطقة الأكثر برودة في المكان، وربما هي كذلك. في الشتاء تبحث عن الدفء فتحتل الوسادة التي أصبحت لها بوضع المخالب! تبحث عن الدفء وتحاول استعادة ذاكرتها للحياة كما تعرفها. لكن لولو (Elle) لا تتصف بالوداعة دائمًا. لديها مسرحية ليلية مرهقة تتكون من فصلين أحدها “أدخليني” والآخر “أخرجيني!”.

لم تتوقف عن أدائها طيلة السنوات الماضية وأنا بلا مقاومة أحضرها أو ألعبها معها. هذه الأرجوحة المتحركة تذكرني بالحياة في العالم الخارجي، بعيدًا عن قطتي وبعيدًا عن سهراتها. المدّ والجزر في الحضور، في العلاقات، في العمل، في كلّ شيء. لا يمكنني الحكم على القطة فهي لا تمتلك قدرة متطورة على الانتباه والتحليل لتصرفاتها المتناقضة بين الرغبة في البقاء أو الرحيل.

***  

يقترب شهر فبراير من نهايته. قد تستسلم للفكرة المرعبة بأن شهران انقضيا في العام الجديد، أو ببساطة ستقول كانت شهرين رائعة من رعاية الذات ورفض ثقافة السباق وقوائم المهام التي يجب عليك إتمامها مع مطلع يناير.

ينتهي فبراير بالاحتفال بيوم التأسيس وعطلة قصيرة ممتعة، زواج لإحدى قريباتي، ورحلة مفاجأة بمزيج من العمل والاستجمام. سأقضي الأيام القادمة في الاستعداد لتحول الفصول ومشاريع إبداعية مؤجلة، بالإضافة للمزيد من التدوينات من وجهتي القادمة بإذن الله. هذه التدوينة عاصفة أفكار بسيطة بلا هدف واضح وربما هذه سمة الكتابة المحببة عندما تحضر ولا أقاومها.

.

،

،

،

Photo by Luca Severin on Unsplash

ضع حدودك وانعم بالسّلام

خلال السنوات الثلاث الماضية ظهرت لي باستمرار وبشكل يومي منشورات على منصات التواصل الاجتماعي تشجع على وضع الحدود الشخصية واحترامها. بعضها كان لطيفًا وملهمًا والبعض الآخر مليء بالغضب والأوامر غير المنطقية لنا كبشر. نعيش في جماعات ونأنس بالآخرين ونحبهم. هذا التأرجح في عرض موضوع مهمّ وحساس يضمن لنا عيش الحياة بصورتها الأفضل دفع فضولي في اتجاهات مختلفة. مرة اتحدث مع الأهل والأصدقاء عن تعريفهم للحدود وكيف يفعلونها في حياتهم اليومية؟ ومرة بالقراءة والبحث عبر المصادر الرقمية ومشاهدة مقاطع الفيديو والاستماع للبودكاست. لا أعلم حقيقة ما الدافع وراء موجة التصحيح والتحول لعيش أطيب، هل كانت الجائحة التي دفعتنا للشعور بأننا نوشك على الانتهاء؟ هل كان الانفصال الاجباري عن الآخرين؟ هل دفعنا بطريقة ما لتحليل كل نواحي حياتنا واكتشفنا أن المسبب الرئيسي لكثير من مطباتها: نحنُ؟

لم أجد إجابة بعد، لكنني عثرت على كتاب لطيف واقرأ فيه على مهل منذ شهر أو يزيد. اسم الكتاب Set Boundaries, Find Peace للكاتبة نيدرا غلوفر تواب. قرأت عدة فصول منه باللغة الإنجليزية. ومع أن نسخة عربية صدرت خلال هذا العام إلا أنني لم اطلع بعد عليها أو جودة ترجمتها. تهدف الكاتبة عبر كتابها هذا إلى تعريفنا بالحدود الصحية، كيف نضعها؟ وكيف نحقق التوازن بين جوانب حياتنا المختلفة – إن وجد ذلك حقًا – وكيف نستمتع بعلاقات جيدة مع الآخرين.

الكتاب مقسم إلى قسمين رئيسيين:

الأول يساعدنا على فهم أهمية وضع الحدود الشخصية وأنواعها وتعريفها، والقسم الثاني مرتبط بالعمل الفعلي وكيفية وضعها.

يتبع كل قسم مجموعة من الفصول التي كُتبت بلغة خفيفة وواضحة ومؤثرة، وبعد كل قسم تمرين مخصص لمراجعة ما تعلمناه. أحببت طريقة الكاتبة في اعتمادها على إجابة الأسئلة كتابيًا وهذا في ظني يترك الأثر الأفضل على الانسان. أن ترى كل شيء مدونًا أمامك: اجاباتك الحقيقية والشفافة على الأسئلة الصعبة، واستعدادك للتغيير والتحسين. سأشارك معكم في الجزء التالي من التدوينة ما اقتبسته من الجزء الأول في الكتاب. أتوقع أن يثير حماسكم لاقتنائه أو اكتشاف الكاتبة عبر ما نشرته من مقالات وتوجيهات بهذا الخصوص.

لكن ماذا نقصد بالحدود؟

الحدود هي التوقعات والاحتياجات التي تساعدك على الشعور بالأمان والراحة في علاقاتك. تساعدك التوقعات في العلاقات على سبيل المثال على البقاء بصحة جيدة. تعلم متى تقول لا ومتى تقول نعم هو أيضًا جزء أساسي من الشعور بالراحة عند تفاعلك مع الآخرين.

متابعة قراءة ضع حدودك وانعم بالسّلام

١٠ استراتيجيات لتصبح قارئًا أفضل

كنت لوقت طويل مصابة بحساسية تجاه الأدلة الإرشادية للقراءة. كيف تقرأ؟ متى تقرأ؟ ماذا تقرأ؟ والأهم من هذا كله فكرة طقوس القراءة. ربما لأنني اعتدت القراءة لأسباب كثيرة من بينها: التعلم، والترفيه، والاكتشاف، والسلوى. ولم أقبل بوضع أيّ من هذه التوجهات في إطار محدد وخطوات معينة.

لكنني مؤخرًا مررت بمقالة للكاتب ريان هوليداي الذي وجدت في متابعته واكتشاف كتبه متعة عظيمة! وجدت فيه أيضا شخص عبقري في تصوير الأفكار وتنظيمها بالكتابة. هذه المقدمة التي بدأت بها لأشارككم ١٠ استراتيجيات اقترحها هوليداي لنصبح قراء (وأشخاص) أفضل. لم تكن مثل الطقوس المقترحة التي أنفر منها أو المقترحات المستحيلة التي تقيدني بسلسلة كتب أو مؤلفين. هذه الاستراتيجيات (أو الأفكار) ستجعل من القراءة رفيقتكم في كلّ وقت، وإذا كان لديكم أيّ شك في أثر القراءة على الحياة، ربما هذه فرصة جديدة للتحقق بأنفسكم.

بلا إطالة، هذا ملخص استراتيجيات ريان هوليداي التي ترجمتها عن الإنجليزية.

١-توقف عن قراءة الكتب التي لا تستمتع بها

يشارك هوليداي هذه الفكرة الهامة ويذكرنا بأننا نتوقف عن تناول الطعام الذي لا يعجبنا، ونتوقف عن مشاهدة برنامج تلفزيوني إذا كان ممل، وفي نفس السياق نلغي متابعة الأشخاص الذين لا يقدمون ما يفيدنا. لماذا نفعل ذلك مع الكتب التي لا تعجبنا؟

ويذهب أيضا لمشاركة قاعدة مثيرة للاهتمام تقول: اطرح عمرك من ١٠٠ لتحصل على عدد الصفحات التي يمكنك قراءتها وإذا لم تأسرك، انتقل إلى كتابٍ آخر.  الطريف في الأمر أن تقدمنا في العمر يعني أننا سنستبعد الكثير من الكتب التي لا تنجح بكسب اهتمامنا بعد عدد صفحات أقل.

٢-اقرأ كجاسوس

أول مرة أتعرف على هذا التعبير! لكن قصد هوليداي من إضافته أن نتعمد القراءة وننغمس في تفكير واستراتيجيات الذين نختلف معهم. حيث إن فرص التعلم متاحة ويمكننا من خلال هذا التوجه تعزيز دفاعاتنا تجاه من يخالفنا الرأي.

٣-احتفظ بكنّاشة

أو كشكول، أو دفتر ملاحظات، أو كتاب اقتباسات! سمّه ما شئت لكنه سيكون مكانك المفضل سواء كنت ترغب في العودة لما قرأته وتعلمته أو لتحسين كتابتك ودعمها بالمراجع والصور والمقتطفات الأدبية. يرى هوليداي أن الاحتفاظ بكناشة جعلته كاتبًا أفضل وشخصًا أكثر حكمة.

بالنسبة لي، احتفظ بدفتر مشابه منذ سنوات وكلما ملأت أحدها أرشفته وبدأت آخر. أسميه «دفتر كلّ شيء» وهو كذلك. لا يشبه مذكراتي اليومية أو مذكرة مهامّ العمل لأنها تحمل طابع محدد وواضح: يومياتي، أحداث موسمية، مهام عمل متكررة، وملاحظات اجتماعات.

دفتر كلّ شيء يحتوي على اقتباسات، وأسماء أماكن وأشخاص، أفكار ومقترحات من متابعين لتدوينات أو حلقات بودكاست، وأحيانًا مشاعر مرتبطة بنصوص أو مشاهدات. أودّ تصنيف وترتيب هذه الكناشات بشكل أفضل مستقبلا فهي الآن بحر من الكلمات والعبارات المتقاطعة.

٤-أعد قراءة الكلاسيكيات

قرأنا الكثير من الكلاسيكيات في عمر مبكر، سواء بشكل مباشر أو ملخصات لها، أو رواها لنا شخص يكبرنا، وفي حالتي شاهدت كثير من الاقتباسات لأعمال عظيمة على شكل فيلم رسوم متحركة أو مسلسل تلفزيوني. السؤال المهمّ الذي يطرحه هوليداي: هل تذكرها بشكل جيد؟ هل قراءتك لها آنذاك مثل اليوم؟

لا يمكننا الاعتماد على تلك التجربة، أو قراءة هذه الأعمال العظيمة مرة واحدة. لأن العالم يتغير بشكل مستمر ونحن نتغير ورؤيتنا لتلك الأعمال كذلك. يقترح هوليداي عليك قراءة الكلاسيكيات في كلّ مرحلة من عمرك. ويستشهد بقول هيراقليطس: «إنّك لا تعبر النهر مرتين». ولهذا السبب ينبغي أن نعود مرارًا وتكرارًا إلى الكتب العظيمة.

٥-اقرأ القصص والروايات

أعتقد بأننا شهدنا الكثير من النقاشات حول جدوى قراءة الروايات والقصص مقابل التصنيفات الأخرى. لستُ أنوي تحليل هذه النقاشات أو إعادتها أو إطلاق شرارتها في هذه التدوينة.

يتحدث هوليداي في هذا السياق عن الخطأ الذي يقع فيه القراء عند استبعادهم قراءة القصص والروايات Fiction وتفاخرهم بذلك. والتبرير الذي يقدمه هؤلاء بحسب قوله إنهم مشغولون جدًا وليس لديهم وقت للفن أو الخيال. ويقول إن القصص والروايات هذه مثلها مثل كل الفنون الرائعة، مليئة بالإضاءات التي يمكنها أن تغير حياتك. ويمكنها أيضا أن تعلمك أكثر من الكتب الواقعية حيث إن هناك أبحاثًا علمية ربطت بين قراءة الأدب وتقليل التوتر، وصقل المهارات الاجتماعية، وحسن التعاطف مع الآخرين.

٦-أطلب توصيات الكتب من أحبّتك

اعتاد هوليداي خلال سنوات مراهقته في كلّ مرة يتلقي بشخص ناجح أو مهمّ ويعجب به أن يسأله: ما هو الكتاب الذي غيّر حياتك؟ إذا غيّر كتاب ما حياة شخص -مهما كان موضوعه أو أسلوبه- فمن المحتمل أنه يستحق الانتباه. وإذا كنت سأذهب لأبعد من اقتراح هوليداي وعندما نستنفذ كل التوصيات في دائرتنا المقربة، أحبّ اكتشاف المؤلفات التي يضعها الكتاب والفنانون عمومًا حول مكتباتهم والكتب التي مروا بها هذه نقطة انطلاق أخرى.

٧-ابحث عن الحكمة لا الحقائق

يرى هوليداي أننا لا نقرأ فقط للعثور على أجزاء عشوائية من المعلومات بلا جدوى. نحن نقرأ للوصول إلى الحكمة الحقيقية التي يمكننا تطبيقها في حياتنا اليومية.

٨- لا تعتمد على تجربتك الشخصية في التعلم

يقول الجندي والفيلسوف الجنرال جيمس ماتيس: «إذا لم تكن قد قرأت مئات الكتب، فأنت أميّ وظيفيًا». يخصص هوليداي هذه الفكرة لتوضيح أهميّة الاستفادة من المعرفة التراكمية. إذا كنت حصلت على أموال مستثمر لبدء مشروع جديد لا تهدرها بتجاهلك أخطاء وتجارب رواد الأعمال الآخرين. هو يقول بوضوح: اختصر الطريق واستبعد الأخطاء المتكررة بقراءة تجارب الآخرين. ابحث في التاريخ، والأدب، والمذكرات وأدرس هذه الحكايات وتعلم منها حتى لا تكون مقصرًا.

٩- الكيف مقدمًا على الكمّ

قد تكون هذه هي فقرتي المفضلة! يشير هوليداي إلى الأشخاص الذين يدخلون في سباقات مستمرة بقراءة الكثير من الكتب دون الالتفات لمحتواها. لست مضطرًا لقراءة مئات الكتب، بل إن القراء الذين يضعون لأنفسهم أهداف للقراءة مرتبطة بالعدد ولا يتمكنون من تحقيقها يصابون بالإحباط ويتوقفون عن القراءة تمامًا. اقرأ بانتباه، اقرأ بعمق وبشكل متكرر وليكن هدفك الحصول على الجودة لا العدد.

١٠-تجاوز حبستك القرائية (أو أي حبسة أخرى)

يقول هوليداي أن الطريق للحكمة ليس مستقيما والرحلة طويلة وغير مباشرة وعاصفة ومليئة بالمنعطفات. قد تكون عالقا في منعطف أو حفرة ما على هذا الطريق. يسميه الركود، وأسميه حبسة! قد نمرّ في فترات إرهاق أو احتراق وظيفي أو أن إحدى مشاغل الحياة اعترضت طريقنا ونحن منغمسين تمامًا في تجاوزها.

يقترح هوليداي فكرة جيدة للخروج من هذا الركود وهو العودة لقراءة شيء مؤثر ومحبب. بدلا من التقاط كتاب جديد وعشوائي أو إجبار أنفسنا على القراءة في موضوع لا نحبه. نعود لكتاب لامس حياتنا وأثر فيها. كيف يمكننا قراءته بشكل مختلف اليوم؟ ماذا عن النصوص التي ظللناها والاقتباسات؟ قد يكون هذا الكتاب رواية مفضلة أو قصص قصيرة. لهذا الوقوف أثر طيب، الأثر الذي ذكرني به هوليداي وأعود له دائمًا: إنّ هذه اللحظات تشبه فتات الخبز الذي يربطنا بأنفسنا ويعيدنا إليها.

أحبب قراءة هذه الأفكار كثيرًا وأحببت ترجمتها بتصرف طبعًا.

أتمنى أن تجدوا فيها شرارة تعيدكم للصفحات أو تدفعكم للقراءة بشكل مختلف.

أتطلع للتعرف على استراتيجياتكم المشابهة، وإذا كنتم قد طبقتكم الأفكار أعلاه من قبل، كيف كانت النتيجة؟

الكولاج: جاكلين دي باركر

.

.

.

تدوينة لأطول ليلة في السنة

اكتب هذه التدوينة بعد نهاية أسبوع حافل. كل مرة أكتب هذه الجملة أفكر كيف كانت أسابيع هذه السنة حافلة بطريقة أو بأخرى؟ بالسعادة والغضب والحزن والدهشة والألم. لو مُدت لي دائرة تحليلية لكل مشاعر الحياة سأربطها بأيام هذه السنة وسأجد لها قصص مناسبة بالتأكيد.

لم أكن خارقة هذا الأسبوع، بقيت أمور معلقة وزيارات مؤجلة ودائما هناك وقت. هذا الأسبوع مددت ساعات يومي لاثنتين إضافية والمفاجأة كانت أن مسار العمل لم يتأثر! بقيت في فراشي حتى تركت نقشة اللحاف توقيعها على خدي. أتممت المهام، وأجريت الاتصالات وحصلت على وقت مستقطع للقاء صديقات وحضور اجتماع عمل عن بعد بينما مكائن القهوة تهدر خلفي. الجو لطيف في الرياض هذا الأسبوع ويذكرني بالأعوام السبعة التي قضيتها في المدينة. اللحظة التي حملت كل حياتي في صناديق ورق مقوى وودعت بيتي في الظلام والساحل الشرقي يبتعد ورائي. الرياض حلوة هذه الأيام بالفعاليات والاكتشافات والألوان والأضواء. كلّ يوم هناك شيء يشبهك إذا أردت البحث عنه. فعالية فنية؟ أمسية موسيقية؟ مقهى جديد في الحيّ؟ تخفيضات في محل أثاث تحبّه؟ كلها قريبة ومناسبة.

بدأت كتابة مسودة هذه التدوينة لأنشرها يوم ٢١ ديسمبر، الليلة الأطول في السنة وأول ليالي الشتاء. اليوم شاهدت تعليق من خبير الطقس المحلي يقول إن الليالي التالية: الثلاثاء والأربعاء والخميس ستكون الأطول في السنة. ما زال العنوان مناسبًا إذًا؟

كتبت تغريدة قبل عدة أيام عن أشياء عشوائية أحبها وفوجئت اليوم بالحماس والتعليقات عليها. وجدت لنفسي متعة اكتشاف ما يحبه الآخرون واقترح عليكم اكتشافها كذلك.

أحب أيضًا احتفال الأطفال بالقطط عندما تحضر لبيوتهم. أشاهد فيديوهات الآباء والأمهات وهم يحملون الكائنات الصغيرة بين يديهم ويمدونها لطفلهم فيقفز ويضحك وأحيانا يتأثر حدّ البكاء. لم يكن لقائي بقطتي لولو مماثلا، لكن أذكر تبنيها في بيتنا. عدت ذات عطلة قصيرة من الرياض وكانت في استقبالي مع أختي الصغرى. لا أدري أيهما ألذّ؟ أختي التي فقدت اسنانها الأمامية أو قطتنا التي تحاول المشي باتزان.

رفيقتي الوفية. لولو.

تجلس على وسادة ضخمة أحركها لها كل يوم مع تحرك بقعة ضوء الشمس في غرفتي، وكلما حجبت اشعتها كتل الغيم التفتت نحوي بمواء له نغمة التساؤل. تظن أنني خبأت الشمس عنها، تستمر بالمواء حتى تعود الشمس من جديد وتمدّ ذراعيها لاستقبالها.

على جواربي علامات ترشدني للفردة اليمنى واليسرى، حرفي L و R، اتجاهلها وأقلب الجوارب كلّ مرة. ماذا سيحصل إذا قاومت هذا الأمر؟ لا شيء طبعًا. أذكر نفسي بالانتصارات اليومية الصغيرة على الإطارات والقوالب. كيف تمضي أيامي؟ أحاول.

نهاية العام الماضي كتبت قائمة تشبه الامنيات للسنة كلها، لم أعد لقراءاتها أبدًا. خبأتها في كتاب سيرة ماركيز كتاب أنهيته قبل أكثر من ١٠ سنوات وكانت لدي رغبة طموحة في ترجمته. تبخرت. خبأت في أمنياتي وسأعود لقراءتها نهاية الأسبوع المقبل.

هل سأكتب جديدة؟ لا أعلم.

أشياء أحببتها هذا الأسبوع

  • تابعت عدة حلقات من مسلسل نيوزلندي من العام ٢٠١٩ بعنوان «الخليج» دراما وإثارة وجريمة. شدتني الاحداث وكالعادة أحب تفرد المسلسلات النيوزلندية والأسترالية. لها طابع مختلف لا يشبه الأمريكية التي اعتدناها.
  • جربت مذاقات جديدة لصلصات طعام شهية! جربتها مع مقرمشات وجبنة وفواكه ومرة أخرى في ساندويتش وبرغر. وجدتها في متجر Chopped في الرياض وهي من انتاج مزرعة عائلية في استراليا. الصلصات التي جربتها (البصل المكرمل، والفلفل الحلو)
  • قرأت هذا الأسبوع رواية قصيرة لسيلفيا أرازي بعنوان «الانفصال» لطيفة ومختلفة عن القراءات التي أنهيتها هذا العام. ذكرتني قليلا برواية «أربطة» لدومينيكو ستارنونه.
  • استمعت لحلقة من بودكاست مفضل Life Kit وكانت في مجملها تتحدث عن اللغة السلبية والخطاب المؤذي الذي نوجهه لأنفسنا وكيف نقاومه بشكل أفضل. أحببت أحد التقنيات المذكورة وهي: لنتمكن من إيقاف الصوت الذي يتردد بداخلنا يجب أن نتعرف على كيفية عمله. تقترح د. جوي أن نراقب هذه الأحاديث السلبية ونسجلها. اختر نصف يوم مثلا وراقب هذه الأفكار وقم بتدوينها. لاحقًا تحقق ما إذا كانت هناك أدلة تدعم هذا الحديث. ما هو الدليل الذي يؤكد هل أنت فعلا كسول؟ هل أنت فعلا غبي؟ هل أنت فعلا مكروه؟ وغيرها من العبارات التي نستخدمها مع أنفسنا على سبيل الأذى والتحقير. دوّن هذه الأشياء التي تنفي الحديث السلبي أو فكر فيها بنفسك. اليوم استيقظت في وقت مناسب وأنجزت مهامي كاملة يعني أنا لستُ كسولا. الحلقة كلها ممتعة ومفيدة واقترح عليكم الاستماع لها.
  • في الأيام التي أعمل برفقة أختي في مكتبها تقترح تجربة مكان فطور جديد، لا اعتمد يوميًا على احضار فطوري وأحب التغيير من وقت لآخر. مرة نتناول المناقيش ومرة أخرى ساندويتش جبن أو خضروات من مقهى. هذا الأسبوع جربت ساندويتش البيض الشهي من ارابيتا، مطعم ومقهى في الرياض.

Painting by Nora Heysen

.