مشكلة في تقدير المسافات

قبل شهرين تقريبا أخبرتني صديقتي سارة بأنّها وبينما كانت تجلس في غرفة الاستراحة في مقر عملها (جار مقرنا) شاهدتني أعبر الجسر الزجاجي بين المباني. تقول بأنها عرفت مشيتي. عدت حينها من اجتماع وكنت مشتتة ومتعبة، منهكة تمامًا، لم أكن مبتسمة هذا مؤكد.

منذ ذلك اليوم، وأنا أفكر في سارة كلما عبرت الجسر الزجاجي، التفت باتجاه المبنى المجاور وابتسم، رغم معرفتي المؤكدة بأنها تقضي إجازة الأمومة بعيدًا عن كآبة أقفاصنا الزجاجية.

تفصيل صغير كهذا يؤثر بي، يدفعني للتحرك وتغيير شيء في يومي. حتى ولو كانت ابتسامة عابرة بين مبنيين. أفكر في الموظفين الذين يعملون في الأدوار المحاذية، ما الفكرة التي تجول في رؤوسهم كلما مررت وأنا احتضن دفتر الملاحظات وابتسم لنقطة ما في الفراغ.

هدأت نفسي خلال الأيام الماضية. ربما كانت التدوينة السابقة هي السبب؟ دائمًا إذا كتبت عن عُقدة أو مشكلة أو تحدثت عنها، تنفرج ولو قليلًا. وعن تجربة، اكتشفت أنّ الاعتراف بوجود المشكلة يشبه المشي نصف المسافة باتجاه الحلّ.

خلال عطلة العيد القصيرة استعدت صحتي وضبطت نومي وذهبت في رحلة قصيرة إلى دبي مع أختي الصغرى. حضرت فيها حفلة لفرقتها المفضلة، حمصتنا الشمس، واستمتعت بمزيد من النوم بلا منبهات أو مواعيد منتظرة.

جميل شعور الاستسلام لخطة شخص آخر، أن تترك تحديد الوجهة له وتجلس وتسمتع بالرحلة. مع ذلك قاومت كثير من مقترحاتها لاستحالتها في الجوّ الحار، وتوصلنا إلى منطقة وسطى ترضينا جميعًا.

خلال العطلة القصيرة قررت تفكيك عقدة أيامي لاكتشاف مخرج، ولم يكن ذلك سهلًا لكنّ النهارات الطويلة ساعدتني. لم أهاجم كل شيء دفعة واحدة بل فككت كل شيء إلى مسارات واستعدت محتويات الصندوق الأسود، أو لماذا أنهار كلّ شيء ببساطة؟ أين وقع الخلل؟

على صعيد عملي أعاني من الاحتراق لأنني أحمل نفسي مسؤوليات أكبر من طاقتي، وعلى صعيد صحي أهملت الغذاء الجيّد والرياضة، وعلى صعيد نفسي أرهقتها بكثرة التفكير والتردد ورسم السيناريوهات لأحداث لم تأتِ بعد! وعلى صعيد اجتماعي، أشعر بملل مخيف من محيطي والمشكلة بي وليست في الآخرين.

بدأت بخطوات صغيرة لتضبط القادم من الأيام:

في ساعتي الذكية حددت أهداف يومية للحركة، والنشاط، والتمرين. أهداف بسيطة جدًا مقارنة بما كنت أحققه لكنها أفضل من لا شيء. وكل يوم تهتز الساعة حول معصمي لتحفزني وتبشرني بأن الهدف تحقق.

إذا حصل ولم أتمكن من تجهيز غدائي للعمل يكون الخيار الأقرب للصحي هو الأفضل.

العودة لتجهيز الوجبات من المنزل يساهم في تقليل المصروفات وهذه مشكلة أخرى أعاني منها حاليًا بعد رحلات الصيف التي ثقبت محفظتي.

اقرأ كلّ يوم عدة صفحات من كتاب مفضل، أحيانا لا تتجاوز الاثنتين أو الثلاث لكنّها تصنع الفرق.

طلبت المساعدة في العمل واعتذرت عن مشاريع لها طابع ممتع لكنّها مكلفة في الوقت والجهد لاحقًا.

أذهب للنوم في ساعة أبكر واستيقظ في موعدي المعتاد وهكذا كسبت ساعة نوم إضافية تعطيني النشاط والقدرة على مواجهة صعوبات اليوم.

اتحدث مع صديقاتي على الهاتف أو الرسائل النصية بما أن شهيتي للخروج منخفضة.

قرارات عفوية وسريعة لتجربة شيء جديد تحرك الادرينالين في دمي وتنسيني مخاوفي وقلقي المتراكم وتشغلني عن المصاعب الكبيرة التي لا يمكن هزيمتها في يوم واحد.

ذهبت للصالون وقصصت شعري، هذه إحدى الطرق الناجحة لتحقيق انتعاش وتغيير فوري في النفس.

اشتريت عطر كنت استخدمه في المرحلة الثانوية وغيّر صباحاتي ومشاعري، تلك الفترة كانت من أجمل فترات حياتي والعطر يعيدني لها.

سجلت في برنامج أكاديمي حول التسويق الرقمي وسيكون ذلك تحدي تعليمي جديد.

هذه هي الخطوات الأهم التي بدأت أجد أثرها خلال الأسابيع الماضية وأنوي زيادتها والتعديل عليها للتقدم تدريجيًا والعودة لنفسي.

يعلّق والداي دائمًا بأن لديّ مشكلة في تقدير المسافات. اصطدم بالأثاث وأنا مسرعة. تتجه قدمي لحواف الأسرة والكراسي، ويعلو الصراخ والامتعاض كلّ مرة. لأنني لا أجيد ضبط المسافة وقدرتي على التحرك من خلالها. ربما كتبت عن هذا الشيء أو تحدثت عنه من قبل. لكنّ التعليق هذه المرة لمس مكان جديد في نفسي، وفكرت في المسافات المعنويّة التي لا أجيد قياسها. أعبر المسافة بيني وبين الآخرين ولا تظهر لي بوضوح، أراهم أقرب وهم في الحقيقة أبعد مما أتصور أو العكس وهذه هي الورطة!

أشياء جيّدة اكتشفتها خلال الأيام الماضية:

بودكاست بتوصية من أحد الأصدقاء أذهلني، وهو الآن من أكثر الأشياء الإبداعية التي اكتشفتها في حياتي! البودكاست اسمه Everything is Alive ويحكي قصص الجمادات على لسان البشر. تجدون فيه الكراسي تتكلم، والأبواب والمصاعد وكأنّ لها روح وتاريخ وأصدقاء. استمعت إلى ثلاث حلقات دفعة واحدة. ضحكت وبكيت وتفاعلت وتأملت كل شيء بعين جديدة. ما زلت استمع للحلقات على مهل ولا أريد أن ينتهي.

كتاب Draft No. 4 لجون مكفي يستعرض فيه مقالات ممتعة عن صنعة الكتابة. جمع المؤلف فيها خبرته الطويلة التي بناها خلال عمله وتدريسه للكتابة الإبداعية. أحببت الفصول الأولى لأنها تتناول هيكل النصّ وتسلسله، وأحببت أكثر أنّه لا يقصد بالضرورة كتابة الروايات والقصص فقط، بل يمكن تطبيق هذه التقنيات والنصائح في المقالات والصحافة الاستقصائية التي تشغلني مؤخرًا. المسودة الرابعة دعوة للتفكير في الكتابة من جديد، في المراجعة والتدقيق والعمل بجدّ أكبر وهذا ما افتقده في علاقتي بالكتابة.

مسلسل Years and Years وهو مسلسل بريطاني تقع أحداثه في المستقبل القريب، مرعبه تحولات العالم والتنبؤات التي يطرحها سواء في السياسة أو البيئة أو المجتمع.

مهروس التين والزيتون من أفران الحطب. هذا المكون الساحر أصبح رفيق البيتزا المنزلية، امزجه مع صلصة الطماطم أو مع الجبنة فقط ويطهى على محل ليعطها طعم مميز. أما بقية أفراد الأسرة فيفضلونه مع الخبز الحار والجبنة البيضاء أو جبن الماعز للفطور.

هذه المقطوعة Become Ocean استمعت لها الأسبوع الماضي وبحثت عنها حتى وجدتها.

.

.

.

حلم ليلة صيف

على الطاولة المجاورة للسرير نسخة من ملاحق الأحد لنيويورك تايمز بتاريخ ١٧ يونيو. في الزاوية قبعة احتفالات فيها ريش وألوان، فهمت من شكلها إنها قبعة عيد ميلاد لكنّها لا تخصني ولا أعلم كيف وصلت هنا. أزواج من الأقراط، قمصان متراكمة على الكرسي، وحقيبة العمل مرتبة جيدًا، يتدلى منها شريط بطاقتي الوظيفية. هناك العشرات من الرسائل التي لم أجد الوقت للردّ عليها، ثلاثة كتب تُقرأ دفعة واحدة، والكثير من الرفوف التي انهارت في رأسي خلال الشهرين الماضية.

يونيو كان شهر المرّات الأولى بامتياز!

ليلة عيد الفطر وبينما كنت أرتّب حقيبتي للسفر، على الرف القريب كتاب ثلاثية نيويورك لبول أوستر، وضعت الكتاب في الحقيبة ونظرت إليه وقلت: سيوقّع بول أوستر هذه النسخة. كنت قد اشتريت تذكرة لحضور حوار سيدور بينه وبين فيليب بيتي، المخاطر العظيم الذي قد يعرفه الكثير منكم من فيلم Man on Wire The Walk. أعترف بأنّ الهدف الأساسي من حضور هذا الحوار هو فرصة الحديث السريع مع أوستر، لكنّ فيليب بيتي أذهلني. أذهلني التزامه، واهتمامه بحرفته التي مهما بدت مجنونة لي وللكثير ممن يعانون من رهاب المرتفعات وأوستر منهمإلا أنها تقع في إطار العمل الإبداعي. لكنها قصة أخرى ولا أعلم لما أشعر بأن هذه التدوينة ستكون حفلة من الاستطرادات.

وقبل المضي للأمام في الحديث عن رحلة نيويورك، أحبّ أن أخبركم بأن أوستر وقع النسخة العربية من روايته، وسأل عن جهة النشر وهل هي لبنان؟ وأجبت نعم. التقطت أختي صورة ليست مثالية لأنني كنت أقرفص بجوار الطاولة حتى أظهر وهو على نفس الارتفاع. في وقتٍ ما لاحقًا قد أطبعها وأشعر بالزهو تجاه هذه اللحظة السعيدة.

في نوڤمبر الماضي حضرت فعالية نظمها فندق حياة ريجنسي في الرياض، بحضور ممثلي التسويق والإدارة من بارك حياة نيويورك. كان الهدف من الفعالية عرض الغرف الفخمة بعد إعادة تأهيلها، وإطلاق خدمات مميزة للزوار من الخليج والعالم العربي عموما. مع مجموعة أخرى من الحضور حصلت على قسيمة تمنحني خمس أيام/ست ليالي من السكن المجاني في الفندق.

كانت لحظة غير متوقعة بالنسبة لي، فلم يسبق وجرّبت السكن في نيويورك بهذه الميزانية (ألف دولار تقريبًا لليلة). كانت الفكرة مجنونة إلى حدّ استحالتها، لكنها كانت دافع جيد لعطلة قصيرة للاستفادة من أيام مجانية واتمامها في سكن منخفض التكلفة لاحقًا. اشترط الفندق استخدام القسيمة قبل ديسمبر ٢٠١٩م. كنت انتظر وقت مستقطع وبدت إجازة العيد مناسبة للعزلة وإعادة ترتيب نفسي.

وصلت للفندق يوم العيد وكان الاستقبال رائع، والغرفة مجهزة بلذائد متنوعة من نيويورك، مع بطاقة وقعها مدير الفندق شخصيًا. تذكرت حينها حلقة توم وجيري عندما ربح المليون، وسكن في غرفة على بارك آفنيو. مشهد الإفطار والبيض والستيك، والغرفة الفاخرة. كنت أضحك واستعيد المشاهد بالترتيب كلما مررت بزاوية في الغرفة.

الغرفة مجهزة بأثاث صُمم خصيصا للفندق. من الخزانة التي تشبه صندوق كنز إلى ركن القهوة والمشروبات والمكتب. وصولًا إلى السرير الذي ودعته بالأحضان. لم يسبق لي تجربة فراش مثله وعندما قرأت المراجعات والتعليقات التي كتبها من جربوا السكن في الفندق وجدت أننا نتشارك الفكرة نفسها.

تحدثت خلال إقامتي مع مسؤولة التسويق في الفندق وأخبرتني عن توجههم الجديد وخدماتهم المخصصة للزوار من الخليج والعالم العربي. كما يشير الشعار العامّ للفندق الرفاهية شخصيةكل شيء تحتاجه سيتمّ توفيره لك وسيتم تطويع الغرفة لتخدم احتياجاتك. طلبت منهم خلال إقامتي محول للتيار الكهربائي، وطلبات أخرى لم أتوقع توفرها في وقت قياسي وتم توفيرها. أيضًا سيتم تحديد القبلة في الغرفة بملصق على الجدار، وسيوفرون سجادة ومصحف عند الطلب. أبلغت المسؤولة بأننا نحدد القبلة اليوم بالجوالات الذكية والمصحف كذلك، ونحمل معنا السجادة الخفيفة والمناسبة للسفر. لكنها لفتة جميلة ومهمة لمن يحتاجها. أيضا خُصصت قائمة بالأطعمة الحلال التي لا تحمل فقط الاسم، بل إن كافة اللحوم المقدمة على هذه القائمة ستكون مذبوحة وفق الطريقة الإسلامية وستحضر عند الطلب. قالت المسؤولة أيضا بفخر: نستطيع تركيب شطاف في دورة المياه في حال رغبة الساكنين. حسنًا هذه فكرة جيدة الآن. تحدثنا في الاستراتيجية التسويقية وأظن أنني تحولت حينها إلى ساكن يثير الضجر، فكلما اقترحوا تجربة شيء أو فكرة رددت عليها. الحق يقال أن الفندق رائع وفرصة لمن يبحث عن مساحة فاخرة للسكن في نيويورك. شخصيًا وكما بدأت هذه القصة استبعد فكرة السكن بهذه الميزانية لليلة، وأفضل دائما الفنادق الأصغر، الأقرب لحياة المدينة الملونة والمتنوعة.

في الجزء الثاني من الرحلة جربت السكن في Welive  وإذا كان الاسم يذكركم بـ Wework مساحة العمل المشتركة الأشهر في العالم، نعم هذه هي النسخة السكنية من الشركة والآن موجودة مبدئيا في نيويورك وواشنطن العاصمة.

في البناية وحدات سكنية متنوعة تتاح لفترات قصيرة أو طويلة (ستة أشهر وأكثر) وأسعارها مناسبة لمن يزور المدينة للعمل والتعلم. في كل دور شقق واستديوهات، وغرف صغيرة. ومطبخ مشترك مجهز بالكامل بالإضافة للمطبخ في وحدتكم الخاصة إذا حجزتوا شقة أو استديو+

في البناية مطابخ مشتركة كبيرة، وقهوة طازجة طوال اليوم، وماء، وألعاب وكتب ومساحات للعمل بالإضافة لفرع ضخم من Wework يمكن للأعضاء الوصول إليه من داخل الاستقبال. لا أعرف ماذا أسمي هذا المكان، هل هو فندق؟ سكن تشاركي؟ هو في مكان أعلى من بيوت الشباب لكنكم لن تفقدوا فرصة الاستمتاع بالتعرف على المسافرين والساكنين. في إحدى الأدوار مثلا، هناك غسالات ونشافات لغسيل ملابسكم وتجفيفها وبينما تنتظرون الغسيل، هناك ألعاب متنوعة إلكترونية وتقليدية وفرصة للحديث مع الآخرين.

في الدور الأرضي مطعم ومقهى يقصده العمال والموظفين خلال ساعات النهار فالبناية تقع على وول ستريت. يقدمون خيارات كثيرة من السندويتشات والسلطات والمشروبات المنعشة. سيكون خيار جيد لو أحببتم تناول وجبة قبل الانطلاق لاسكتشاف المدينة.

أحببت أن محطة وول ستريت وخط١ من المترو قريبة جدًا، لذلك كان الخروج والعودة حتى في أوقات متأخرة غير مفزع بالنسبة لي. سكنت وأختي استديو+ الذي يتوفر به سرير لشخصين تقريبا داخل جدار وله أرفف وستارة تحجب الضوء، بالاضافة لأريكة في الصالة يخرج من خلفها سرير آخر لشخصين. في الغرفة انترنت عالي السرعة، تلفزيون وتكييف ومطبخ مجهز مع أواني مناسبة لطبخ وجبات خفيفة وميكرويف.

من المهمّ الإشارة إلى أن الفندق لن يقدم لكم خدمة الغرف، وحتى المناشف والشراشف لو فكرتوا في تنظيفها فستفعلون ذلك بأنفسكم في دور الغسيل.

أحببت على أنه فندق بمساحات مشتركة كثيرة إلا أن العبور بين الأدوار والدخول إلى الغرف لا يتمّ إلا باستخدام بطاقة، ولا يمكنك التجول بدونها.

إذا كان للرحلة ثلاث مشاهد رئيسية فإن المشهد الثالث سيكون درس أساسيات الخبز الذي حضرته في Le Pain Quotidien وهي سلسلة مخابز ومقاهي شهيرة تأسست في بروكسل البلجيكية في بداية تسعينات القرن الماضي. حضرت درس مدته حوالي أربع ساعات. قضيتها وستة مشاركين وقوفًا لنصنع رغيف حياتنا الجديدة! كلنا جئنا من مناطق مختلفة، وكلنا متحمسون لإتقان خبز الباغيت الفرنسي، أو فطيرة الشوكولا، أو رغيف الخبز بالزبيب. عجينة واحدة جهزناها وعجناها بيدينا، وخمرناها وخبزناها. لتخرج بأشكال مختلفة. لم نصدق اللحظة التي خرجت فيها الأرغفة من الفرن، واستقبلناها بالزبدة المملحة والمربى. كان يوم مدهش، حملت معي الخبز هدية لصديقة، ومجموعة أوراق تلخص الدرس لأعود إليها لاحقًا في الرياض.

في هذه الرحلة لم أشتري كتب، ولم أزر متاحف باستثناء المركز الدولي للتصوير الفوتوغرافي-. كانت الرحلة للمشي، للأحاديث الطويلة، واكتشاف أبعاد جديدة في نفسي، وأكثر.

لو لخصتها في قائمة لذيذة (لأنني أحبّ القوائم) ستكون كالتالي:

جولة طويلة على الأقدام في هارلم.

حضور مهرجان أفلام بروكلين.

فستان أصفر سأعيش فيه حتى نهاية الصيف.

لفائف اللوبستر من Lukes Lobster, The Dutch, The Smith.

مطاعم مكسيكية El Encanto De Lola 2, Tacombi.

أقراط لؤلؤ.

دجاج مقلي حتى الشبع في Sweet Chick.

مسرحية Burn This لآدم درايفر وكيري رسل.

دونت بالكريمة بعد العاشرة ليلًا في The Donut Pub الذي يعمل لـ٢٤ ساعة بالمناسبة.

مطعم إسباني بعروض فلامنكو حيّة Nai Tapas.

الكتاب الذي رافقني في الرحلة The Sound of Paper لجوليا كاميرون.

المشي حتى ساعات الصباح الأولى في تشيلسي.

اللقاءات التي لم يُخطط لها.

علّمت منى أختي نظام المترو وخطوطه والاختصارات وقررت أنّ نيويورك لم تعد مدينة مكروهة بالنسبة لها.

السالمون المدخن والبيض كل صباح.

ميلاد الصيف وقت جميل من السنة لم أجربه من قبل.

عطر صيفي سيعيش معي طويلا واسمه رائع مثله تحت أشجار الليمون“.

المطاعم والمقاهي المفتوحة على الشارع.

قضت هذه التدوينة وقت طويل في مسودة، وكلما حاولت إضافة المزيد من التفاصيل إليها شعرت بصعوبة المهمّة. قررت نشرها هذه الليلة لأتخفف من انتظار آخر.

.

.

.

ذاكرة غراب

إذا وقفت في منتصف غرفتي ونظرت باتجاه الحائط الأيمن سترى أثرًا يشبه غيمة داكنة. خط رمادي أطرافه ذائبة في الطلاء الفاتح. أعرف هذا الأثر لأنني حركت الخزائن مؤخرًا. اقترح أفراد العائلة تنظيف الأثر. وبينما أنا أفكر في كيفية إزالته دون التأثير على الطلاء، لمحت بقع صغيرة في مكان آخر من الغرفة.

على الحائط المجاور لطاولة الزينة وحيث تستريح فرش المكياج أرى بقعة بنية صغيرة، بقعة زهرية، ونقط رمادية متفاوتة في الحجم.

كالعادة لدي وفرة من الوقت للتأمل خصوصًا والمهامّ مكدسة وتنتظر. فكرت في الأثر الذي يتركه الآخرون علينا، في الأثر الذي تتركه قراءة كتاب، أو رحلة، أو مشاهدة فيلم.

الكلمات التي تستخدمها اليوم متى بدأت استخدامها؟ ضحكتك هل هي لك تمامًا؟ ذائقتك؟ وقبل أن استرسل في هذه الفكرة المعقدة أعدت نفسي لمكاني، وانشغالاتي العاجلة.

هذه التدوينة الأخيرة قبل عزلة رمضان التي انتظرتها بحماس! لديّ قائمة قراءة، وتعلّم، وكما أتمنى الكثير من الكتابة.

* * *

خلال الفترة الماضية كنت أفكر في العمل، في كتابة المحتوى تحديدًا. أشعر بالاستغراق في العمل لدى الآخرين. أشعر بأنّ طاقتي الإبداعية مسخرة تمامًا للكتابة للعملاء بالإضافة إلى مهامي الوظيفية الأخرى.

هذا العمل يستهلك طاقتي بالتأكيد، لكنّني أيضا وتدريجيا تبنيت أهدافهم، وتطلعاتهم. وهذا ليس بالأمر السيء طبعًا. هذه هي الطريقة المثلى لإظهار اهتمامك بالعملاء ومشاريعهم. لكن، وتحت لكن عشرة خطوط: ماذا لو كانت الكتابة وقود حياتك؟

تزامنت هذه التأملات مع مروري بمقالة في مدونة Copyblogger لخصت مشاعري، وجددت حماسي. كتبت كلير إمرسون ١٠ خطوات لتخرجني وإياكم من دوّامة التردد والتأجيل وإهمال المشاريع الشخصية مثل كلّ سنة.

١أعطِ نفسك الإذن بالبدء قبل الاستعداد الكامل.

٢غير المنظور من يجب عليّإلى سوف أفعل ..”

٣أخرج أفكارك بسرعة من حيز التفكير إلى حيز التنفيذ من خلال تسهيل توليدها.

٤قسّم المشاريع إلى مراحل. ولا تفكر كم بقي للانتهاء؟ الهدف تصغير المشروع قدر الإمكان حيث تختم كل مرحلة كإنجاز وتحتفل به.

٥لا تبدأ بـلماذا؟“. إبدأ بـ لمَ لا؟

٦تخيل انتهاء المشروع. من أذكى الطرق لبناء خطة مشروع هي البدء بالمقلوب من النتيجة النهائية وتفكيكه حتى تصل للحظة الحالية.

٧ركز في الخطوة الأولى أولًاوتجاهل الباقي حتى يأتي وقته.

٨صنف المراحل والمهام وحدد أهميتها، هل يمكن تجاوزها؟ هل يمكنك تفويض المهمة؟ هل يمكن تأجيلها لمرحلة لاحقة؟

٩إذا كانت المشاريع التي تعمل عليها تتطلب البحث والتعلم، لا تتعلم كلّ شيء دفعة واحدة! تقترح كلير تأجيل التعلم حتى تصل للمهمة. بعبارة أخرى: ليكن التعلم مربوطًا بسرعتك الشخصية وموجها لاحتياجك. تذكرت في هذا السياق مهارات التصميم مثلا، أو برمجة المواقع. لا تفكر في تعقيد الأمور وأنت تحتاج مدونة بقوالب جاهزة وطريقة نشر بسيطة.

١٠التزم/ألزم نفسك بالعمل. ما الذي يجعلك مسؤولًا؟ هل تخبر أفراد عائلتك بمشروعك الحالي؟ أو تعمل مع مجموعة من الأصدقاء؟ هل يساعدك ربط المشروع بأهدافك الشخصية؟ لكلّ منّا مرساته، وما يلزمه بتنفيذ خططه.

الرابط بين هذه النصائح بحسب رأي كلير: الإدارة الذاتية والوعي. مشكلتي شخصيًِا الغرق خارج رأسي! وكل ما احتاجه في لحظات الفوضى الجلوس وسرد ما يشغلني على شكل نقاط، وتفكيك العقبات لتصبح قابلة للعلاج. وبالمقابل كلما طالت فترة التجاهل والتبّرم أبقى ساكنة في مكاني.

* * *

خلال الأسبوع الماضي استمعت لحلقة من بودكاست مفضل يقدمه Chase Jarvis، هذه المرة كان تشيس هو الضيف وقابلته ديبي ميلمان المصممة وصاحبة البودكاست الشهير Design Matter. الحلقة ممتعة وتناولت جوانب مختلفة من حياة تشيس ومشاريعه. لكن الجزء الذي أثار دهشتي واهتمامي حديثه عن ذاكرة الغربان! يمكن للغراب تذكر وجوه البشر لسنوات. يمكن للغربان أيضا تذكّر ما إذا كنت صديقا لها أو عدو. وأرشدنا تشيس لدراسة نفذها أحد معارفه ووثقها بحديث على تيد (تجدونه مترجمًا هنا)

* * *

ماذا سيحدث خلال الثلاثين يوم القادمة؟

تجربة كتابة يومية، قصة قصيرة في صفحة واحدة كلّ يوم. ليست لديّ فكرة عن نتيجة هذا المشروع، لكنه الطريقة الوحيدة لتمرين عضلة القصّ من جديد.

الاستماع لعشرات حلقات البودكاست المؤجلة.

قراءة سلسلة كيمياء الصلاة لـ د.أحمد خيري العمري مع العائلة.

نشر كبسولات تثقيفية متنوعة وخفيفة عبر حساب فنّ المحتوى على تويتر.

حمية غذائية نظيفة بلا أطعمة مصنّعة أو سكّر.

التهام كتب معرض الكتاب بحماس.

جرد خزانتي ومكتبتي.

الاستعداد لعطلة الصيف.

.

.

.

ما هي خططكم للشهر؟ شاركوني إياها.

أحبّ رمضان.

أحبّ شعور الخفة والإنجاز والخروج بروح جديدة كل مرّة.

أتمنى لكم أيام مباركة ومنتجة وسعيدة.

وكل عامٍ وأنتم بخير.

.

.

.

في انتظار الرّبيع

«كلما طالت فترة التخطيط دون اتخاذ إجراء، كلما امتدت مساحة الشكّ الذي يشغلك ويمنعك من التنفيذ»

مررت بالاقتباس أعلاه قبل عدة أيام وقضيت وقت طويل في تأمله. هذا الاقتباس يشرح الكثير عن حياتي حاليا. في كلّ شيء أعمل عليه أقضي وقت للتخطيط والاستعداد ثم يتسلل الشك إلى نفسي واتراجع عن الانطلاق كلما ازدادت هذه المساحة وأثرت على تفكيري.

يمر ببالي اسئلة مثل: هل هذه الفكرة جيدة فعلا؟ هل سأتمكن من المتابعة والتنفيذ؟ وفي حالات كثيرة أبدأ بتخيّل نجاحها أو فشلها فينتهي بي الأمر محبطة وأنا لم انطلق.

أتممت شهري الأول في وظيفتي الجديدة، مرّت الأيام بين التعلم والتوتر والاكتشاف. وتزامنت هذه البداية مع زيارة منى (أختي) للسعودية في إجازة هي الأطول من سنوات. أشعر وكأنني في فقاعة مؤقتة وجميلة. نقضي أيامنا بين ساعات العمل في النهار والخروج مساء لاكتشاف المدينة وتعريفها بالتغيرات المتسارعة التي نمرّ بها.

الفترة الماضية أيضا شهدت أعلى نسبة قراءات في الروتين الإبداعي، والكتابة، واستعادة الإلهام (إذا كان هناك شيء حقيقي اسمه إلهام).

في نفس السياق تقريباقرأت عن ٧ تغييرات في روتينك اليومي قد تساعد في شحن طاقتك الإبداعية

  • تحرّك، فالجلوس لفترات طويلة قد يحجب طاقتك ويشعرك بالكسل.

  • ابدأ العمل على مشاريع صغيرة، أضف مشاريع مصغرة لحياتك اليومية والتي قد لا يستغرق العمل عليها أكثر من ٢٠ دقيقة. غالبا كتابة سريعة أو مسودات الرسم Sketch والتي قد ينتج منها لاحقًا مشروع كبير أو فكرة أفضل.

  • قسّم مهام العمل إلى مقاس أصغر وقابل للإدارة والمتابعة.

  • ابدأ يومك بشيء تحبّه. وركز إلى أي مدى تحبّ هذا الشيء وما هي المشاعر التي تحيط بك خلال العمل عليه. قد يكون هذا الشيء التنفس بعمق، أو صنع فطور شهي ومشبع، أو مكالمة شخص تحبه. بدء اليوم بهذه الطريقة يهدئ أعصابك ويضعك في حالة استعداد لما سيأتي في بقية اليوم.

  • احترم طعامك (هذه النصيحة الطريفة التي تأملتها طويلًا). بدلًا من تناوله سريعًا وبلا تفكير. قدّره. وفكّر في الطريقة التي صُنع بها وجُهّز. هذا التفكير في العملية الإبداعية وراء وجبة طعام يهذبك ويعوّدك على التحليل والنظر للأشياء بطريقة مختلفة.

  • تحدّث بوعي واهتمام واختر كلماتك بعناية. هذا التمرين سيصنع منك كاتبًا أفضل. وفكّر أيضا في أن المحادثات فرصة لممارسة الإبداع.


استقبل مارس بكثير من الحماس!

هناك ورش عمل ومشاركة في ندوة تثقيفية لطالبات الجامعة، رحلة قصيرة ربما، وحلقات جديدة من بودكاست قصاصات بعد أن أرتب وقتي بشكل أفضل. أتبع فتات الخبز الذي تركته ورائي لأعود إليه كلما اشتدت فوضى الأيام وأتمنى أن أنجح في ذلك.


في مفضلة الشهر الماضي:

 

.

.

 

الميل الأول

أحد قرارات السنة الجديدة التي حرصت على العمل بها: التعامل مع الأشياء بشكل مختلف.

اليوم وبعد مضي شهر وعشرة أيام من الشهر التالي وجدت أنّ هذا القرار هو الأكثر مرونة والأحب إلى قلبي. كلّ سنة كان الحماس يغمرني وأضع الخطط والأهداف والتزم بها لشهر أو اثنين ثم انزلق بعيدًا. ما السبب؟ تساءلت. محاولة حشر كلّ شيء في سلة واحدة، أو محاولة ترويض نفسي على تغيير كبير دفعة واحدة. وما يحدث بعد ذلك يدفعني للاحباط والفشل.

أحد المشاكل التي عانيت منها خلال السنوات الماضية، هي المحافظة على نظام غذائي صحي خلال ساعات العمل، والامتناع عن الاعتماد الكلي على الأكل في الخارج. كانت البداية قوية وحماسية ولكن خلال أيام الضغوط والفوضى أعود للعادات الغذائية السيئة: وجبات سريعة، وكميات هائلة من السكر والدهون.

بعد دراسة الوضع تنبهت لعدة أشياء:

  • لدي استعداد جدّي للالتزام والدليل أنني ابدأ بشكل جيد.

  • لدي الوقت للتهيئة لكنني أفضل الكسل عندما تغمرني الفوضى.

  • تجهيز خيارات أكل أبسط للغداء يعني التزام أطول بالخطة.

  • اختلال نشاطي الرياضي وزيادة الوزن مرتبطان بشكل كبير بوجبة الغداء.

  • هناك رابط واحد واضح جدًا بين هذه العقبات، وهذا الرابط هو أنا!

إذًا، وبالعودة إلى الفكرة الأساسية في بداية التدوينة، التعامل مع الأشياء بشكل مختلف يعني هذه المرة اعتماد تغيير بسيط سيمتد تأثيره تدريجيًا على بقية نواحي حياتي.

وكانت التحليلات مرعبة! كيف وجبة الغداء فقط قادرة على صنع كل هذه الفوضى؟

بدأت أولًا باتفاق مع نفسي: ٣ أيام من الأسبوع التزم بتناول طعام محضر من المنزل (أعمل على تجهيزه يوم السبت أو الأحد)، واليومين الباقية وفي حال الضرورة والاضطرار يُسمح لي باختيار وجبة محضرة في مطعم أو مقهى.

هذا الترتيب مريح جدًا لي، ولميزانيتي. وجرّبته لمدة أسبوعين لكنني اكتشفت الثغرات التالية:

  • الأطعمة المعدّة في مطعم / أو مقهى قريب من مكان العمل صحية فعلا، لكنها مرتفعة السعر وهذا غير مناسب لخطتي المالية.

  • الخروج للمطعم / المقهى والمشي فرصة للنزهة والتفكير، لكنها تقتطع من يوم العمل واحتاج معها لتعويض الوقت الذي غادرت فيه المكتب.

الحل الثاني للمشكلة هو تغيير قائمة الوجبات التي أتناولها على الغداء وتبسيط طريقة تجهيزها، يعني يمكن أن تكون عبارة عن طبق سلطة مع زيتون وجبنة، أو شابورة وشاي، أو زبادي وفواكه وغرانولا.. إلخ. وأقول بسيطة لأنني التقط مكوناتها وأنا في طريقي للعمل. مثل جولة تسوق سريعة من ثلاجة المنزل، وقد أجد أيضًا بقايا من وجبة عشاء اليوم السابق وأقرر لاحقًا ما يمكنني إضافته إليها.

وفي المكتب لاحقا يتوفر لدي: فواكه طازجة، زبادي، خبز، وسخانة ماء وميكرويف. وهذا كافٍ لحلّ مشكلة حيرة الغداء.

الأمر الوحيد الذي ساعدني على نجاح الحلّ: الاستيقاظ قبل موعدي اليومي بـ ٣٠ دقيقة، نعم فقط ٣٠ دقيقة ساعدتني وغيرت نظامي تماما. انتهي من الاستعداد للخروج وأذهب للمطبخ وأعدّ وجبة الغداء، والفطور كذلك.

طبّقت الفكرة لما تبقى من شهر يناير، والأيام الأولى من فبراير والمفاجأة:

لم احتج لتناول الطعام من الخارج، وخسرت كيلوين خلال ١٥ يوم!

وما حدث أنني تدريجيًا تخلصت من مشكلة الغداء دون الحاجة لتجهيز مكثف للوجبات، وبلا خلل في ميزانيتي.

وبنفس الفكرة سأنتقل لمعالجة مشاكلي العالقة تدريجيا، أولا بإيجاد القاسم المشترك بينها، ثم اختيار تغيير بسيط، ومعالجتها بطريقة مختلفة لم اعتمدها من قبل.


قرأت خلال الأيام الماضية مقال لطيف عن كيفية التعرف على أصدقاء جدد عندما تنتقل لمدينة جديدة وأعتقد بأننا جميعًا وفي وقت معين من حياتنا احتجنا لمثل هذه النصائح. قد لا يكون الانتقال بالضرورة لمدينة جديدة، يمكن أن يكون مكان عمل جديد، أو حيّ. الفكرة هي كيف تجد أصدقاء ومعارف بعد انتقال جديد.

والكاتب يقترح التالي:

  • استكشف الصلات القديمة أو كما يسمّيها (العلاقات الخاملة) ويُقصد بها معارفك من فترة سابقة في حياتك. سواء خلال سنوات الدراسة، أو العمل، أو الشبكات الاجتماعية (صداقات افتراضية) فقد يكون من ضمن هؤلاء أشخاص تودّ تعزيز معرفتك بهم ولقاءهم في مدينتك الجديدة.

  • يمكن أن نجهز أنفسنا قبل الانتقال للمدينة بسؤال الأصدقاء والمعارف وطلب مساعدتهم في التعرف على أصدقاء جدد. قد يكون لهم زملاء أو أقارب في وجهتنا التالية وسيساعدوننا في التعرف عليهم واللقاء بهم.

  • استكشف الأنشطة والفعاليات التي قد تقابل من خلالها أشخاص يشاركونك نفس الاهتمامات والهوايات. الأمر الجميل في هذا أنّك لن تكون في وسط معارف مقرّبين، وخلال هذه الفعالية ستتحدث وتقترب من أشخاص جدد بلا انشغال أو خطط مسبقة.

  • لا تتوقف عن التواصل بمجرد إيجاد أصدقاء أو معارف. وهذه النصيحة بالذات طبقتها شخصيًا مع أنني كنت محظوظة بأنّ انتقالي للمدينة جاء على مراحل، وكان لدي مجموعة طيبة من الأصدقاء. مع ذلك، حافظت على فضولي واهتمامي بالتعرف على أشخاص جدد.

  • إذا تعرفت على زملاء عمل أو معارف عبر صداقات مشتركة لا تكتفي بمعرفة جانب محدد من حياتهم. مثلا زملاء العمل ونظرًا لرسمية المكان وضغط المهام قد تبدو علاقات مملة وغير قابلة للتطور. لكن لو اكتشفت جوانب أخرى من حياة الآخرين ستصبح رفقتهم محببة ومثيرة للاهتمام.


إذا كانت لديّ سمة شخصية لم تغادرني منذ أن تعلّمت الكتابة، ستكون تدوين أفكاري ويومياتي. هذا الأمر واضح لكل من يعرفني عن قرب، من زميلات الدراسة حتى رفاق العمل والسفر ولن تخلو حقيبة من حقائبي من قلم ودفتر.

أكتب خلال الاجتماعات، أكتب هواجسي، ومخاوفي، واهتماماتي. أكتب خطط السنة ويوميات السفر، وأكتب خلال جلسات العصف الذهني التي أصبحت لصيقة للعمل في مجال الكتابة الإبداعية.

خلال السنوات الخمسة الماضية ملأت مئات الصفحات بالتفاصيل، من تغريدات التسويق للمنتجات، ونصوص وسيناريو الفيديوهات الإعلانية وصولًا لمحتوى المواقع الإلكترونية وكلمات رؤساء الشركات والمسؤولين في قطاعات مختلفة. هذه الدفاتر كنزي، وذاكرتي المحفوظة ولوحة إنجازاتي في حال تعثرت التقنية.

كنت استقبل نظرات الاستغراب من مدراء المشاريع وزملاء العمل: لماذا تحبّ هيفا سلوك الطريق الأطول؟ اكتبي على طول في الملف، وهذا متعب حقًا! وكنت لا أملّ شرح وجهة نظري: أريد حفظ هذا كله لنفسي، بالإضافة إلى أن الكتابة بالقلم مسودتي الأولى وتساعدني على جمع الشذرات وترتيبها.

هذا التدوين قوّتي عندما يصر أحد ما على سرقة فكرة أو نسبها لنفسه، عندما تضيع جهودي في عمل الفرق الكبيرة ولا يلتفت أحد لما قدّمته. وهذا ما قد يصادفكم للأسف في مجالات تتطلب العمل الإبداعي لكنك لا تستطيع تسجيل الناتج النهائي باسمك.

قبل سنة أو أكثر طُلب مني كتابة محتوى رقمي لعدة منصّات لأحد العملاء. وضعت فيه قلبي وجهدي وساعات طويلة من البحث. ما حدث أن العميل استلمه لكنّه لم ينشر، لم ينشر حرف واحد من كل هذا الجهد. وعلى الرغم من أنني استلمت المقابل المالي كاملًا بلا نقص، لكنني لم أحصل على العائد المعنوي الذي انتظرته.

لم أجد أثر إلكتروني للمحتوى، والعميل لا ينوي نشره أو الاستفادة منه، ولم يكن هناك تنازل خطّي عنه من قبلي.

إذا يمكنني استخدامه لنفسي. لكن أين الملفات؟

عدت لدفاتري خلال نهاية الأسبوع الماضي، وبحث بلا توقف حتى وصلت للصفحات المطلوبة. وجدتها كاملة!

النصوص، وبطاقات الملاحظات، وأفكاري التي ساهمت ببناء المنتج النهائي.

موقف كهذا يذكرني بحبي للتدوين، تدوين كلّ شيء حتى وإن لم تكن تعتقد بأهميته الآن. خاصة إذا كنت تعمل في مجال يتطلب العودة للكلمات والصور. وقد يكون التدوين ضرورة قصوى إذا كنت تعمل في مجال يتفاوت فيه الالتزام بالأخلاقيات المهنية.

اتطلع دائمًا لقراءة تعليقاتكم ونصائحكم المجربة حول المواضيع المطروحة.

وأتمنى لكم بداية أسبوع طيبة ومُنتجة.

.

.

.