لماذا نشتري أشياء لا نحتاجها؟

يُقال بأنك لا تستطيع إجبار شخص على شراء شيء لا يريده، لكنّك تستطيع إقناعه بشراء شيء لا يحتاجه.

لو قرأت هذه العبارة لأول مرّة ستنتابك قشعريرة لوهلة وستفكر فيها بعمق، نعم إنها حقيقية جدًا. راجعوا آخر قائمة مشتريات لكم على موقع إلكتروني أو فاتورة أغراض البقالة التي ابتعتموها صباح اليوم! هناك على الأقل منتج واحد اشتريته لأنك تعتقد بأنك تحتاجه، وهذا الاعتقاد يمكن أن يكون وهمي للأسف.

قرأت في مقالة حفظتها في حسابي على Pocket عن تأملات وحقائق حول التسوّق، وفكرت في مشاركتها هنا بالإضافة لرابط لوثائقي ممتع شاهدته مؤخرًا عبر قناة الجزيرة الوثائقية.

تحديد الحاجة لشراء الأشياء يتطلب التفكير في حياة الشخص اليومية، كيف عمله؟ كيف حياته الاجتماعية؟ في المقال على سبيل المثال تورد الكاتبة حاجتها إلى شراء ١٢ قميص دفعة واحدة لأنها لا تستطيع الظهور أمام عملائها بملابس مكررة مثلاوأن عملها يتطلب التركيز على المظهر للنجاح.

أذكر نفسي قبل سنة تقريبًا عندما اضطررت مجبرة لشراء مجموعة من التنانير الداكنة والقمصان بالأكمام الطويلة بسبب وظيفتي الجديدة في قطاع التعليم. الاضطرار كان سمة رحلة التسوق هذه والرحلات التالية لها لشراء ما يلائم عملي.

لم تعرف البشرية فكرة التسوق فيما مضى لأسباب بسيطة: الارستقراطيين يحصلون على كل احتياجاتهم مفصلة على مقاس ذوقهم، وتصلهم عند الطلب. لم تكن هناك مجمعات تسوّق وحتى المحلات التجارية تقدم سلع متفردة تعيش طويلًا، ولا شيء يفنى بل يعاد تدويره واستخدامه. كان الناس يرتدون معطفًا واحدًا وحذاء واحدًا وزوج من القفازات.

فكرة حصولك على خيارات متعددة كانت ثورية!

يشير المقال إلى أن بداية التسوق كما نعرفها اليوم جاءت لتعطينا حرية الاختيار والتعبير عن الذات. لكن، مع هذا الوجه الجميل للتسوق والاستهلاك إلا أننا اليوم تجاوزنا حرية الاختيار والتمتع بالحصول على منتجات تشبهنا وتناسب احتياجاتنا. أصبحنا نجمع كل ما ينجح في تحريك مشاعرنا. هذا هو التحليل الذي تذهب إليه الكاتبة. نشتري القطعة ليس لحاجتنا إليها بل لأنها تضعنا في حالة معينة. نحن حينها لا نفكر كيف سنستخدم هذه السلعة؟ ومتى؟ ولماذا؟

لو تأملنا الكثير من السلع الاستهلاكية التي نعرفها اليوم، سنجد بأنها سلع تجعل حياتنا أسهل فقط، وليست لازمة لاستمرار الحياة. يمكنني التفكير الآن وأنا أكتب هذه التدوينة على عجل في قائمة بالمنتجات التي يمكنني التوقف عن اقتنائها وسأحاول!

نحن نشتري الاحاسيس التي تقدمها لنا الأشياء، نشتري المستقبل الذي نرى أنفسنا فيه وربما حالة اجتماعية.

دهشت وأنا أقرأ هذا المقال من الرابط السحري بينه وبين وثائقي شاهدته على الجزيرة الوثائقية عن قصة التسوقأدعوكم لمشاهدته ومشاهدة المسلسل Mr. Selfridge لتتعرفوا على فكرة التسوق كما نراها اليوم.

..

 

.

.

.

.

٧ رمضان: كيف تكتب نصّ انفوجرافيك ناجح؟

١٢:٤٠ م

ساعتي الرقمية تقول أنّ نومي اضطرب ١٤ مرّة.

.

١:١٥ م

نعاني منذ أيام من انقطاعات البثّ في جهاز بي إن سبورت، حاولت وجربت كل الطرق لعلاج المشكلة. استيقظت مساء اليوم وقررت الانتقال لمرحلة جديدة، سأكون فنّي ستالايت وأصلح الجهاز بنفسي. احضرت العدة وفككت القابس وقصصت الأسلاك واستبدلتها وأعدتها مكانها، لكن المفاجأة كانت: الجهاز لا يعمل ولا يلتقط إشارة واختفى طبق الإرسال بقنواته كافة. ماذا سأقول لعائلتي؟ توقفت عن العمل وأعدت كلّ شيء مكانه، وأقفلت جهاز التلفزيون وبدأت يومي كالمعتاد.

.

٢:٤٠ م

كتبت قبل عدة أسابيع نصوص لانفوجرافيك تخصّ أحد العملاء. النصوص كانت أطول من أن يستوعبها تصميم واحتجت اليوم لاختصارها وتعديلها بطريقة لا تخلّ بالمعنى وتحفظ التشويق والدهشة فيها. نعم من مهامّ كاتب المحتوى الإبداعي المتعددة كتابة نصوص الانفوجرافيك التي يستلمها مصمم الجرافيك ويصنع منها كبسولة معلومات ملوّنة.

كلّ مرة أكتب فيها محتوى لأنفوجرافيك أفكر في التالي:

هذا المحتوى سيكون مصدر معلومة سريعة ومركزّة للمتلقي، ما الذي سيستفيده منه؟

يجب أن تتحرك مشاعره تجاه المحتوى، وتدفعه لنشره، وإعادة نشره.

الانفوجرافيك الناجح يثير فضول المتلقي ويدفعه للبحث واستكشاف الموضوع أكثر.

أين أجد أفكار طازجة وممتعة؟ أبحث أولا في بينترست، ثمّ اتجه لموقع أحبه كثيرًا Visual.ly

يمكن أن يكون موضوع الانفوجرافيك مقتبسًا عن نصوص، أخبار، أرقام أو خطوات وتعليمات كتبت في مصادر مختلفة وأعيد صياغتها مع الإشارة للمصدر.

العنوان الجذاب يأخذ وقت أكبر من كتابة المحتوى نفسه.

معلومات المحتوى يجب أن تكون موثوقة وصحيحة ومدعمة بمصادر، هناك مسؤولية عظيمة هنا، المعلومة التي تنتشر إذا كانت خاطئة: هذا سيء!

.

٦:٠٩ م

الجفاف يعطي أعراض نوبة قلبية.

اشربوا ماء!

تذكروا ذلك.

.

٧:١٥ ٧:٣٠ م

تشير ساعتي الرقمية إلى نشاط ملحوظ خلال ١٥ دقيقة، تساءلت عن السبب ثمّ ركّزت قليلًا.

خلال هذا الوقت ساورتني شكوك إن مدام إل خرجت من المنزل وبدأت رحلة الركض بين الدور الأول والثاني، ثمّ إلى الباحة الأمامية والخلفية بلا جدوى. كانت في المنزل مختبئة وجدتها وأنا أعود للطابق الثاني لبحث مكثف. مدهوشة تطلّ برأسها ولعينيها التماعة ساخرة، من جديد كنت السبب لتمرين ما بعد الفطور.

.

٨:٠٠ م

اشتركت في خدمة بي ان سبورت كونكت، قلت لوالدي الآن يمكنك مشاهدة المباريات في كل مكان وزمان. على قارئك الإلكتروني خاصة! – يشعر والدي بأنه ملك هذا الاسبوع أهديته من وقتي الكثيروتساءل فورًا: ماذا حدث لاشتراك الستالايت؟ قلت له بسرعة: انتهى!

.

١٢:٤٥ ص

قضيت اليوم أمام نشرات الأخبار.

لا أحبّ المشاعر السيئة التي يبثها والصداع الذي يلي مشاهدة الصور المزعجة.

.

٢:٢٥ ص

قضيت عدة ساعات الليلة في البحث عن نصّ جذاب لعبارة تسويقية ملهمة.

كتبت ١٤ نموذج. وانتظر أيّها يتفوق.

.

.

.

أسرار سلفردجز.

selfridges

السعرات المفقودة:

٢٩٥ سعرة حرارية

المعلومات المكتسبة:

شاهدت مواسم مسلسل Mr. Selfridge وابهرتني قصة الأمريكي الحالم الذي وصل لانجلترا وغير ثقافة التسوق والحياة الاجتماعية فيها. كانت التفاصيل المدهشة تجعلني اتساءل: هل فعلا حصل كل هذا؟ أم أنها طريقة لإضافة الدراما على المسلسل وجذب المتابعين. حتى جاء الوقت المناسب ووجدت الوثائقي الذي يحكي قصة هاري غوردن سلفردج، ويقتبس من وثائق وصور وتسجيلات فيديو قديمة. كيف بدأ وتمرس في مهنته ثم انتقل لبريطانيا في الوقت المناسب والمكان المناسب. كيف حوّل شارع هادئ ومنسي إلى أهم شارع تسوق في لندن اليوم. تفاصيل وحقائق ممتعة في وثائقي مدته حوالي ساعة، لم أشعر خلالها بالملل. تفاصيل عن ميزانية التسويق الهائلة بمقاييس ذلك العصر (٢ مليون) وعن اهتمامه بتجربة التسوق وايصالها لكل شخص مهما كان جنسه أو طبقته الاجتماعية أو خلفيته الثقافية. سلفردجز اذاب الكثير من الحواجز في انجلترا العهد الادواردي، وهوجم من قبل الكثيرين ثمّ أصبح وجهتهم. عند افتتاحها زار المحلات أكثر من مليون شخص، أي بتعداد سكان لندن آنذاك: واحد من كلّ أربعة بريطانيين. الوثائقي يتطرق أيضاً لحياة الموظفين في المحلات وكيف اختلفت عن رفاقهم في المدينة، أجور أفضل وسكن أفضل بالتأكيد، وخبرات ومزايا. هاري سلفردج رجل اقتنص كل الفرص الممكنة، ودرس السوق والاشخاص قبل كل شيء. لكن كيف كانت النهاية؟ شاهدوا الوثائقي : )

.

.

.

 

أفكار خلاقة: شوربة هاينز.

مضى وقت طويل على آخر مرة سهرت فيها لانهاء كتاب.

فعلتها بالأمس مع رواية الدفتر الكبيرلأغوتا كريستوف. الرواية مذهلة وموجعة في نفس الوقت. كمية الأذى والتحول في نفس طفلين صغيرين لا يمكن تصديقها إلا لمن يرى ويعرف ما يحدث اليوم في عالم تلتهمه الحروب. لا أطفال في الحرب. اليتم والخوف والتشرد ينزع قلوبهم ويستبدلها بأخرى، وإن لم تشملهم رحمة الله وعطف الناس سيصبحون في يوم ما وحوشاً. لم أشاهد الفيلم بعد، لكنني أنوي ذلك. شيء ما في كتاب أغوتا ذكرني برواية غونتر غراس طبل الصفيحوالفيلم الذي صوّر عنها. تحول الأطفال إلى بالغين مضطربين هو الرابط في ذهني، ربما.

ما زلت أقرأ بالتوازي كتاب “The Social Commerce Handbook” كتاب ممتع جداً يشرح مفاهيم التسويق من خلال الشبكات الاجتماعية مع ذكر كثير من الأمثلة المميزة والمبتكرة التي طبقتها الشركات.

10430914_772957969451960_2618473089004962041_n

في الفصل الذي قرأته اليوم قصة ذكية جداً عن شركة هاينز للأغذية المعلّبة. قدمت الشركة حملة تسويقية ناجحة بكل المقاييس لعملائها. في اكتوبر 2011م أطلق الفرع البريطاني للشركة حملة “Get Well Soup” تزامنت مع الموسم البارد وتعرض الكثير من الناس لأمراض الشتاء. الحملة باختصار سمحت للزبائن من خلال صفحة فيسبوك شراء علب شوربة (دجاج وكريمة – طماطم) وارسالها لصديق أو قريب متوعك مع رسالة مخصصة باسمه GET WELL SOON، لتمني الشفاء العاجل له. تخيلوا انفسكم مرضى ويطرق باب منزلكم موظف البريد يحمل هدية بسيطة جداً ولطيفة مثل هذه. تسخنون الشوربة، تحتسونها وتشعرون بأنكم أفضل! الفكرة الذكية جداً هي ربط المشاعر والاهتمام الذي تلقاه الشخص من صديق أو حبيب بالمنتج. ما سيحصل أنّ كل شخص قد يمرر الهدية ويطلب الشوربة ويبعثها لصديق آخر. وهكذا تستمر حلقة الاهتمام والاحتفاء بالفكرة. هناك أيضاً من جهة أخرى فكرة تسويق المنتج لشخص لم يجربه بعد، مثل عينة مجانية. أي أنه في المرة القادمة التي يذهب فيها للتسوق سيقتني الشوربة لأنها لذيذة أو لأنها ببساطة تذكره بشخص عزيز.

10348938_772951719452585_8248283446809497182_o

العلبة والرسالة المخصصة وارسالها لصديق لباب منزله خلال ثلاث إلى أربع أيام لا تكلف أكثر من ٢ باوند (١٢ ريال تقريباً). ماذا حدث كنتيجة لهذه الحملة؟ الارقام التالية تشرح الأثر المدهش:

  • خلال ٤ أسابيع فقط أرسلت حوالي ٢٠٠٠ علبة شوربة.

  • ٣٥ ألف شخص تحدثوا عن الحملة في فيسبوك وحده.

  • وعلى تويتر حوالي ٥٠٠٠ منشن ليصل الخبر إلى حوالي ٣ مليون مستخدم على الشبكة.

  • تحدثت ٣٥٠ مدونة عن الحملة ودفعت بـ ٣٥٠٠ زائر لصفحة شوربة هاينز على فيسبوك.

  • ازداد التفاعل على صفحة فيسبوك الخاصة بشوربة هاينز بنسبة ٦٥٠٪

  • ازداد الزيارات الشهرية الفريدةلصفحة فيسبوك حوالي ٤٣٣٤٪

  • زاد الطلب وتكرر الحاح الزوار لإعادة التجربة وحصل ذلك واضيفت أنواع أخرى من الشوربات لينضم حوالي ٤٢ ألف مستخدم جديد للصفحة.

  • في نهاية الحملة تعرف أكثر من ٢٦ مليون شخص على الحملة وقام ٩٦ ألف شخص بتجربتها بأنفسهم.