هل فقدتُ كلمة المرور؟

(أ)

اتساءل مع بداية إجازتي القصيرة، اتساءل هل أضعت الطريق الذي يأخذني إلى الراحة؟ هل سيبقى السيرك داخل رأسي في احتفالية لا تهدأ إلى الأبد؟ إلى الصيف على الاقل؟ شيء يشبه انقطاع الاتصال بين دماغي وبين مركز الترفيه فيه، تتحول هواياتك تدريجياً وكلّ شيء تحبه إلى روتين، أو عمل، أو التزام، يتكرر كلّ أسبوع. ثمّ تفكر من جديد، كيف أرفه عن نفسي عندما اصبحت وسائل الترفيه حياتي؟ حتى مع العمل المستمر خلال الاسبوع والانغماس بشكل كامل في قضايا تعليمية صغيرة وكبيرة، احتفظ لنفسي بمساحة ليلية ما بين القراءة ومشاهدة الافلام أو لضيق الوقت مسلسلات مفضلة. الوقت غير مناسب الآن للبحث عن حلّ لمعضلتي أعلاه، ربما أبحث عن حلول مستقبلية. من جهة أخرى أجد زيارة الصديقات، السهر المفرط، متابعة برامج مختلفة عن تلك التي اعتدتها، كل هذا يشكل ترفيه مثير للاهتمام! الخروج من نفسك والرجوع إليها منعش. هذا ما قد أفعله.

(ب)

اللوحة هنا للرسام الكتالوني سانتياغو روسنيول، أحببت الواقعية فيها، يوم بعد آخر أكتشف بأنّ هناك ثيمة محببة لديّ في اللوحات، التي مهما بدت صامتة ورمادية تحمل قصص وأحاديث قد تفيض بها الصفحات. أشارككم باللوحة وافتح نافذة صغيرة (هنا) لتطلعوا على المزيد من أعماله وخصوصاً تلك التي تصور الحياة خارج المنزل، سانتياغو أثر في أعمال بابلو بيكاسو، وتوفي في إحدى مدن كاتالونيا بينما كان منهمكاً في رسم حدائقها.

رحلة ممتعة.

(ج)

 أحبّ القراءة.

ليست معلومة جديدة؟ أحبّ قراءة الكتب التي لا يسمع بها الكثيرون، أو لا تحقق الضجة الاعلامية، سواء كانت عربية أو انجليزية. مع أنني لاحظت مؤخراً توجهي الكامل للقراءة بالانجليزية، وربما يرتبط ذلك بالكتب التي اختارها، لم تترجم بعد، أو لم تتوفر لي باللغة العربية.

كيف أصل للكتب التي أقرأها – بالاضافة لموقع غودريدز الرائعوالمقالات في الصحف، والمجلات، أتوجه بالكامل ولأنني لا أجد القراءات الوافية أو المعلومات عن الكتب إلى البودكاست الصوتي، قبل حوالي سنتين بدأت بالاستماع لقنوات منوّعة من البودكاست – بالانجليزية – سواء من صحف مشهورة، مدونات متخصصة في الكتب، وإذاعة بي بي سي. كل منها يقدم اسبوعياً أو نصف شهرياً معلومات شهية عن الكتب، تتحدى المستمع كلّ مرة أن ينتهي من الاستماع ولا يشتري الكتاب، أو على الاقل يتفتح ذهنه باتجاه هذا الكاتب. بنظرة سريعة هذه هي مفضلتي في البودكاست:

  • بداية الاسبوع مع اندرو ماربودكاست من راديو بي بي سي ٤، يتخصص في الشئوون الثقافية، الاجتماعية والسياسة. خطاب عالمي كلّ اثنين ويعطيكم انطباع عن ما يحدث في العالم باختصار بمناقشة مواضيع متعددة ومن بينها الكتب.
  • نادي الكتاب العالميمن بي بي سي، صحيح أنّ تحديثات البودكاست هذا قليلة وبينها فترات زمنية طويلة بعض الشيء، إلا أن العودة وسماعها ستجدون الحديث عن كثير من الكتب العالمية المشهورة والمغمورة.

  • Books on the nightstandاسم البودكاست المميز هو ما دلّني عليه، العبارة تعني الكتب المكدسة على الطاولة الجانبية للسرير، وسبق وتحدثت عنه في مدونتي أكثر من مرة. لا أنكر أن هذا البودكاست دلني على الكثير من الكتب المميزة، خصوصاً تلك الواقعية، بعيدا عن الروايات، سير ذاتية، نفسية، فلسفية واجتماعية. والقائمة تطول، هذا البودكاست يديره محررون لدار نشر Random House وعلى الرغم من حياديتهم وتذكيرهم بأن البودكاست شخصي ولا يرتبط بالدار، إلا أنهم يمنحوننا النظرة الأولى على كتب في الطريق للنشر، ويوصون بها، كل الكتب التي قرأتها بعد توصيتهما أو أحدهما، اعجبتني وامتعتني كثيراً، وبعضها حققت شهرة ومبيعات ضخمة لاحقاً. يتبع هذا البودكاست مدونة بروابط للكتب، وهناك مجموعة لهم على غودريدز.

  • بودكاست الكتب لصحيفة الغارديان، من اسم البودكاست تقدمه محررة قسم الكتب في الصحيفة، ويعرض اخبار الكتب والنشر، ولقاءات مع الكتاب وأحياناً تسجيل كامل لاجتماع نادي الكتب الشهريّ الخاص بهم.

يمكنكم التسجيل في البودكاست ببساطة من خلال iTunes في حالة كنتم تستخدمونه، أو تحميل التسجيلات من الموقع الخاص بالبودكاست والاستماع إليه من خلال أجهزتكم المتنوعة.

(د)

خلال الفترة القصيرة من تدريس طالبات الجامعة أصبت بالذهول بسبب مستواهم الكتابيّ، لا أعلم على من يلقى اللوم، على البرامج التعليمية أم على الطالبات أم على منلا أذكر بأنني درست مادة الكتابة الجامعيةالتي تشكل اللبنة الاساسية لبدء الحياة الجامعية، ولم أدرس مادة تهتمّ بالبحث وطرقه، كل ما تعلمته بشكل شخصي وعبر التجربة والخطأ، حتى الاساتذة لم يكن أحدهم يكلف نفسه ويعلق على بحوثنا، نستلم النتيجة الختامية بلا تعليقات، والحقيقة أنّ القدرة البشرية لن تسمح له بقراءة كافة البحوث وإعطاءها الكمية الكافية من التدقيق ومنح الدرجة في الوقت المناسب. لكننا كنا نعبر الحياة الجامعية بالبركة-. لم أكن اقرأ بحوث زميلاتي، لكن الان من موقع المدقق والمانح للتقدير والدرجة أصبت بالحزن، حزن شديد، ليس لأنني مطالبة بمنح المقصر تقييما منخفضاً، بل لأنني أدركت معدل الدمار الشامل! أخطاء املائية في كلمات يفترض أن الطالبة تتقن كتابتها منذ سنّ مبكرة، التاء المربوطة مفتوحة، والعكس. استبدال الألف بألف ممدودة وزركشة الكلمات بالحركات وعلامات الترقيم الخاطئة. وفوق ذلك اغفال الهوامش وتضبيط المستند. الأمر خرج من كون الطالبة تتقن استخدام برامج الحاسب أو لا، الأمر ممتد وهائل. الفكرة الآن أنني لا أريد مغادرة الفصل الدراسي، على الاقل مغادرة قاعة المحاضرات والطالبات ولم اترك ملاحظة أو أثر يُذكر. أفكر أيضاً في رفع وجهة نظري للمسؤولين والمسؤولات بضرورة الالتفات للطالبات وتوعيتهم في جانب الكتابة الجامعية، الطالبات اللاتي سيدخلن معترك الوظيفة لاحقاً بلا زاد! فالكثير من الوظائف حتى الادارية منها، وفي أي منشأة تطلب من الموظفة المعرفة اليسيرة بأصول كتابة الرسائل والخطابات، أو الردّ عليها. والنتيجة الظاهرة من كتاباتهم وتقاريرهم المختصرة والمبسطة، مفزعةكنتُ طالبة، ومررت بنفس شعور الفوضى وانعدام الوجهة، ولا أنكر أنني استفدت من قراءاتي واطلاعي على الكتب والمجلات وتقارير الصحف، كل ذلك ساهم في تشكيل مهارة الكتابة الاكاديمية، ثمّ جاءت فترة الكتابة الصحفية التي عالجت بقية المشكلات. وما زلت اتعلم.

5 تعليقات على “هل فقدتُ كلمة المرور؟”

  1. قرأتُ الأجزاء الأولى وأنا لا أنوي كتابة تعليق؛ كسلًا. لكنَّ الجزء الأخير ترجمَ أفكاري.
    منذُ دخولي للجامعة وأنا ألومُ مادّة التعبير التي درسناها طِولَ مراحل تعليمنا العامِّ. ما فائدة أن ندرس كِتابة خطبة أو كتابة مسرحية أو حتّى مقال؟ ونحنُ لا نجيد الأساليب الكتابية أساسًا؟
    بعد أن أصبحتُ طالبة جامعيّة تعلمّت ُ أشياء برأيي أنها من المفترض أن تكونَ ضمن مادةِ التعبير, مثل أنَّ الأسلوب العربي في الكتابة لا يفضل البدء بجملة اسميّة ولابد لنا من البدء بفعلٍ أو استخدام الحرف (إن), والاستخدام السليم لعلامات الترقيم والمعاني الضمنية لها.

    الحياة الإنترنتيّة علمتنا أضعافَ أضعافَ ما تعملناه في المدرسة, ممنونةُ أنا له :$
    شكرًا لكِ.

    1. مرحبا صيتة،
      المشكلة ليست في توفر المعرفة، فهي متوفرة والحمد لله، المشكلة في تحفيز الطالبات للبحث والاستقراء.
      ما زلت متفاءلة : )

  2. من التدوينات التي لا تكفيها قراءة واحدة .. أبهرتني لوحات الرسام، كنت قد شاهدتُ لوحة له ولم أحرص على معرقة راسمها ..
    ولأدعو معك بإدراج مادة للكتابة في الجامعة فحالنا يندى لها الجبين للأسف.
    شكراً جزيلاً ..

    1. مرحبا فاطمة،

      يمكنك استخدام خاصية البحث بالصور في غووغل، حملي اللوحة في مساحة البحث ويجدها لك، صرت اتعرف على اللوحات الي احفظها في جهازي وما اعرف من رسمها بالطريقة هذه : )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.