لماذا تختلف إنتاجيتنا؟

هل سبق وتساءلتم عن الفرق بينكم وبين أقرانكم في الإنتاجية؟

فكروا معي بالإنتاجية على مستوى يومي: مع زملاءكم في العمل، وأفراد العائلة. هل تلاحظون أنهم ينتجون أكثر –أو أقل- منكم على الرغم من وصولكم لنفس الموارد وحصولكم على نفس الوقت؟

كنت دائما أتساءل وأقارن نفسي بالآخرين وألاحظ في أوقات مختلفة أنني أنتج أفضل تحت ضغط ساعات عمل روتينية طويلة أو خلال ارتباطي بالدراسة وارتفاع معدل التوتر في حياتي. وعندما حصلت على مرونة أكثر في العمل وتهيأت لي البيئة المناسبة، أصبح الإنتاج أقل وأسوأ. قبل الانتقال لفقرة الإجابة عن تساؤلي وتساؤلكم سأشرح باختصار نوعين من الإنتاجية التي اقصدها بالحديث، وجدت هذا التفصيل المفيد في مدونة 20literlife وأحببت بساطته، الإنتاجية نوعين وإذا طغى أحدها على الآخر أو خلطنا بينهما ستتأثر حياتنا بالتأكيد:

  1. إنتاجية الحياة: يمكن أن تكون أي شيء تنجزه في يومك، طهي وغسيل وترتيب منزلك والخروج إلى وظيفة يومية تكسب منها المال. يندرج تحت ذلك أيضا الجهود التي تبذلها للحفاظ على النظام والاستفادة القصوى من الوقت وتسخير مواردك.
  2. إنتاجية إبداعية: هذه هي الإنتاجية التي أعاني معها وأجد صعوبة كبيرة في المحافظة على ضوئها مشتعلا. الإنتاجية الإبداعية ترتبط بأي شيء تبدعه وتبتكره، فنون، أدب، قراءة متعمقة للأشياء والحياة. أي شيء لا تقوم به بشكل روتيني أو آلي بفعل العادة، يعتبر إنتاجية إبداعية.

الآن اتضحت الفكرة التي تخصّ الإنتاجية، والآن نأتي للاختلاف في نسبتها. لماذا؟ بحثت عن المقالات التي تهتمّ بالإنتاجية وإنجاز المهام بشكل أفضل في العمل والحياة بشكل عام. وقبل فترة وجدت كتاب “Work Simply” أو العمل ببساطة، مؤلفة الكتاب كارسون تايت أفردت فصل كامل في كتابها الممتع عن أنواع الإنتاجية وتصنيفات أربعة للبشر تفصّل طريقة عملهم وكيف يمكنهم الاستفادة من خصائصهم لإنتاج أكبر. عندما تتعرف على نفسك وإلى أي تصنيف تنتمي ستتمكن من تحقيق أعلى مستويات الإنتاجية، هذه هي رسالتها.

Illustration by Oscar Ramos Orozco.
Illustration by Oscar Ramos Orozco.

التصنيف الأول: إنسان الأولويات

هذا الشخص يفضّل التفكير المنطقي والتحليلي المستند على الحقائق والواقع. تفكيره يسير في خط واحد. ولكي يزيد من مهارته وجودة عمله سيحتاج إلى معرفة الوقت الذي يلزمه للإنجاز، ثم يصنع خطته حول ذلك بتركيز ويحقق أهدافه. الأشخاص في هذا التصنيف يحملون روح تنافسية ويغرقون تماما حتى ينهون أعمالهم.

نقاط القوة: تحديد الأولويات، التحليل الدقيق وحل المشكلات بطريقة منطقية، ثبات العمل والقدرة على اتخاذ القرارات.

يكره: المحادثات الجانبية الفارغة، البيانات الغير دقيقة، سوء استخدام الوقت، المبالغة في مشاركة التفاصيل الشخصية.

يحب: التحليل الناقد، النقاشات المبنية على الحقائق، قضاء الوقت في ما يفيده وينفعه.

كيف تعمل مع أشخاص من هذا التصنيف؟

ناقشهم دائما عن الماهية. ما هدفك؟ ما هي المخرجات المتوقعة؟ ما هي الحقائق المرتبطة بعملك؟ إنسان الأولويات يحتاج لمعرفة كل شيء لإنجاز مهمة بدقة. ومع ذلك لا يريد تفاصيل زائدة عن الحاجة تشوشه.

أدوات مساعدة: moosti.com / 42goals.com / أدوات أخرى غير تقنية مثل الدفاتر المسطرة للملاحظات.

مشاهير في هذا التصنيف: أرسطو، كانط، اسحق نيوتن، شيريل ساندبيرغ.

Illustration by Oscar Ramos Orozco.
Illustration by Oscar Ramos Orozco.

التصنيف الثاني: المُخطِّط

يُفضل البعض التخطيط المتتابع، الواضح والمفصل. قد يبدو إنسان التخطيط في الوهلة الأولى شبيهاً بإنسان الأولويات لكنه على العكس منه: يهتم أكثر للتفاصيل الخاصة بالمهام أو المشاريع. بينما إنسان الأولويات يأخذ من المعلومات والحقائق قدر حاجته. المُخطط يحب كل أشكال منظمات الوقت – وأنا كذلك- الكترونية كانت أو تقليدية. لا يقفر على الأمور بعشوائية لأن ذلك يزعجه، وتضيع عليه فرص كثيرة لأنها كانت خارج الخطة. ينتعش المخطط عندما يبدأ بكتابة قوائم المهام وشطبها وإنجازها. ويعرف عنه متابعته الدقيقة لسير العمل سواء كان في فريق أو يعمل وحيدا. يكره حضور الاجتماعات التي لا تحمل أجندة واضحة. رسائله الإلكترونية مفصّلة ومقسمة لمقاطع ونقاط وخطوات تنفيذ واضحة.

نقاط القوة: ثابت وعملي، يجد الأخطاء والثغرات المحتملة في الخطط والعمليات، ينظم ويتابع البيانات، يطور الخطط.

يكره: قلة الوضوح وغياب الأجندة، القفز بين المواضيع، العمل المتأخر أو المفاجئ، غياب النهايات الواضحة، التعليمات الضبابية، الأخطاء الطباعية والأخطاء بشكل عام.

يحب: جداول المهام والخطط، المتابعة الدقيقة، المواعيد المرتبة والوصول على الوقت، المباشرة والحديث عن الموضوع بصورة محددة.

كيف تعمل مع أشخاص من هذا التصنيف؟

اسألهم عن الكيفية. كيف نبدأ العمل على هذا المشروع؟ كيف تعالج المشكلات؟ كيف تعاملنا مع مهام من هذا النوع ؟ وهكذا. يحتاج المُخطط لجمل كاملة ومعلومات طازجة وخطة للعمل.

أدوات مساعدة: toodeldo.com/ agenadasapp.com / الملفات ومنظمات الورق، علب الأقلام وأي أدوات أخرى لتنظيم المكتب والقرطاسية.

مشاهير هذا التصنيف: أفلاطون، جي. ادجار هوفر، مارغريت تاتشر، وأنا : )

Illustration by Oscar Ramos Orozco.
Illustration by Oscar Ramos Orozco.

التصنيف الثالث: المنظّم

هذا النوع من الأشخاص يفضل التفكير الداعم، المعبر والعاطفي. وجوده مهم في فريق العمل –والحياة عموماً- . عندما يندمج بالعمل مع الآخرين يصبح مثل المادة المحفزة لإنجاز الأشياء. في الاجتماعات واللقاءات يقدم المدبر التسهيلات اللازمة للتواصل. يكره المنظمون اعتماد الناس الكلي على الأرقام والحقائق والبيانات. المنظمون متحدثون جيدون بالفطرة، يحبون القصص، والتواصل البصري والتعبير عن قلقهم للآخرين، ودائماً سيسألون عن ما يمكنهم فعله لمساعدة الآخرين عبر المشاريع أو المهام التي ينجزونها. كما يحبون الأحاديث الجانبية خلال ساعات العمل ويخصصون لها ميزانية من الوقت اليومي.

نقاط القوة: الاهتمام والتوقع لمشاعر الآخرين، الحدس، الإقناع، التدريس.

يكره: قلة التواصل البصري، الاعتماد الكلي على الأرقام والحقائق، نبرة الاستعجال والتطلّب.

يحبّ: التواصل والأحاديث، إيجاد الوقت لتحليل المشاعر والأحاسيس، الاعتراف بالجهود والامتنان، القدرة على التعبير عن القلق وطرح الأسئلة.

كيف تعمل مع أشخاص من هذا التصنيف؟

ينبغي طرح أسئلة على المنظم بالشكل التالي: من سيتأثر بمشروع ما؟ من سيستفيد من عملية معينة؟ ومن سيكون مشتركاً في العمل على هذا الشيء؟ الاعتماد فقط على الحقائق والأرقام سينفره ويصيبه بالتوعك. إذا أردت أن يتجاوب معك بالشكل المطلوب تواصل معه دائما بشكل شخصي قبل الانتقال لطلب المهمة منه.

أدوات مساعدة: stickk.com/ workshifting.com / دفاتر غير مسطّرة تسمح لهم بالتفكير والرسم والكتابة والكثير من الأقلام الملونة.

مشاهير هذا التصنيف: شوبان، غاندي، الأم تيريزا، أوبرا وينفري، بونو.

Illustration by Oscar Ramos Orozco.
Illustration by Oscar Ramos Orozco.

التصنيف الرابع: المتخيل

يفكر المتخيل بطريقة شمولية، ويستخدم حدسه وبديهته. يعمل بجد تحت الضغط ويشعر بالضجر بسهولة إذا لم يكن يعمل على عدة مشاريع في نفس الوقت. المتخيل يرى الصورة كاملة ويقوم بالربط بين الأشياء مع إغفال الكثير من التفاصيل وتقديم الاحتمالات على العمليات. عفويته الشديدة واندفاعه تؤدي أحيانا لأفكار خلاقة مميزة لكنه قد ينحرف عن مسار العمل وخططه بسهولة. مكتبه فوضوي وتضيع فيه الأشياء ورسائله الإلكترونية مسهبة ومليئة بالأفكار والمفاهيم.

نقاط القوة: انفتاح الذهن، القدرة على رؤية الصورة الكبيرة، اكتشاف الفرص والأفكار والمفاهيم، الإبداع والابتكار وتحدي الذات، حل المشكلات بطريقة مبتكرة.

يكره: التكرار والبطء، المشاريع التي تفتقد للمرونة، التفاصيل الكثيرة وخاصة بالأرقام، أن يقال له “لا تستطيع فعل هذا” أو “لقد قمنا باستخدام هذه الطريقة دائما ولا نرغب بتغييرها”.

يحب: قضاء أقلّ وقت ممكن على التفاصيل، الوصول إلى أكثر من طريقة لإنجاز العمل.

كيف تعمل مع أشخاص من هذا التصنيف؟

يحتاج المتخيل لمعرفة “لماذا؟” لماذا هذا المشروع أفضل؟ لماذا ننجز الأمور بهذه الطريقة؟ لماذا القيام بهذا الفعل مهم؟

المتخيل يحتاج مرونة ومساحة عمل ضخمة لاستكشاف الأفكار وتجربتها.

أدوات مساعدة: zenpen.io/ lifetick.com / ورق ملون، ملفات ملوّنة، دفاتر بورق غير مسطر، أقلام ملونة، لوحات بيضاء ضخمة للكتابة.

مشاهير هذا التصنيف: آينشتاين، بابلو بيكاسو، ليوناردو دافنشي، ستيف جوبز، ريتشارد برانسون.

9780698161832_p0_v1_s260x420

 * بعد إنجاز كتابة هذه التصنيفات وترجمتها عن كتاب “Work Simply” وجدت اختبار الكتروني مطابق للمذكور في الكتاب ومن خلاله ستتعرفون على تصنيفكم الخاص بالإنتاجية، بعد أن تتعرف على نفسك ستصبح أكثر وعياً لما تعمل عليه وتطلب التوضيحات والمساعدة اللازمة من الآخرين لتحقق أهدافك. أتمنى أن أرى تحسناً ملحوظا في إنتاجيتي بعد أن تعرفت على نمطي، وأرغب في التعرف على نتائجكم كذلك.

.

.

.

.

15 تعليقا على “لماذا تختلف إنتاجيتنا؟”

  1. أنا الشخص المتخيل 🙂
    عرفت هذا حتى قبل أن أجري الاختبار الذي أكد النتيجة..
    شكراً هيفاء

  2. اهلاً هيفا..
    تدوينة جميلة جداً كعادتك :*
    لقد اجريت الإختبار وكانت نتيجتي “المخطط”
    طبعاً توقعت هذه النتيجة لحبي الشديد لتخطيط كل شيء.. لكن رؤية النتائج والتحليل كانت مفيدة جداً خصوصاً معرفة نقاط قوتي.

    شكراً لك..

    متحمسة جداً اعرف وش مشروعك لرمضان هذي السنة، يارب تشاركينا شي حلو زي ما عودتينا :$

  3. بعد قراءة التدوينة رأيت أني أقع في تصنيف الإنسان المنظم، وأتقاطع قليلاً مع انسان الأولويات.
    بعد الاختبار وإعادته مرة أخرى أنا إنسانة أولويات ! ههههه
    هل ترين أن التصنيفات ممكن أن تتقاطع فيما بينها، يعني ممكن شخص يكون ٧٠٪ تحت تصنيف ما وباقي النسبة المئوية تحت تصنيف آخر؟

    هيفاء .. كنت أفكر في إنتاجيتي وأراقبها هذا الأسبوع في المنزل والعمل، فشكراً جداً جداً على هذه التدوي

  4. من يوم نزلت التدوينَة وأنا أتأمل فيها ، مرّة حبيتها، شُكرًا هيفا
    .. صارت نتيجتي المنظم ، تشبهني كثير، ولو فيه شيء ثاني جزء منّي راح يكون المخطط يعني 70 / 30

    1. العفو عزيزتي،

      النتائج المختلطة تبين أهمية إنك تتعرف على نفسك وتصير تختار أفضل الطرق لدعم الانتاجية.
      شكرا لقراءتك

  5. قبل أن أختبر قلت مع نفسي أنا من النوع المتخيل
    فجاءت نتيجة الإختبار أنني من النوع الأول والرابع كلاهما 23 و النوع الثاني والثالث 21 متساويان
    جزاك الله خيرا على موضوعاتك القيمة عثرت مؤخرا على مدونتك وأصبح أول ما أقوم به هو أن أحدث الصفحة لأرى المواضيع الجديدة

    كتب الله أجرك أختي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.