حتى لا يأكلكم الندم

 

By Amanda Blake

 

مها، زميلة تعمل معي في الشركة واحتفلت مؤخرًا بعيدها الخامس والعشرين. كانت تخبرنا بذلك وهي تشعر بالأسى لأنها أصبحت كبيرة. في كل مرة تتبرّم عشرينية من عمرها الذي يطول ويمتدّ أضحك وأعلق: ماذا نقول نحن؟

هذه التدوينة إهداء لمها وللكثيرين، ما زال أمامكم الكثير من الوقت إن شاء الله. وستعرفون مع مرور السنوات أن التقدم في العمر خبرة! وحتى لا يأكلكم الندم سأشارككم محتوى مقالة قرأتها اليوم، تناقش أكثر الأشياء التي قد تندم عليها لاحقًا، عندما تكبر.

أولها: أنك لا تطلب المساعدة عندما يجدر بك ذلك

تقول المقالة ببساطة إذا كنت لا تطلب المساعدة في عمل، هذا يعني أنك توقفت عن تحدي نفسك. لقد عانيت طويلًا وعانى معي أشخاص شاركوني العمل، أو الحياة. المعاناة جاءت من تجاهلي طلب المساعدة من الآخرين. أشعر بأنّي قادرة على صنع كلّ شيء، وتحمل كل شيء بالضرورة. لكن بعد تقدمي في العمر وإدراكي لقيمة نفسي وما يمكنها أن تفعل قررت الرجوع خطوة إلى الوراء عندما يرتفع الموج وتشتد الصعاب. ببساطة أطلب المساعدة!

تخيلوا معي موقف يعيشه موظف في مكان جديد ومسؤوليات جديدة، لكنه بدلًا من طلب المساعدة يحاول ويخفق ويضيع وقت مرؤوسيه. لن يعذرك أحد إذا لم تطلب المساعدة. لن يعذرك أستاذك الجامعي إذا وصلت نهاية العام ومشروعك لم ينجز بالشكل الأمثل. إذا قلت له لم أتقن العمل أو كان المشروع أكبر مني سيقول لك: لماذا لم تطلب المساعدة؟ وطبعًا ستكرر هذه العبارة على مسامعكم كثيرًا إذا أصررتم على العناد.

أقول لك أطلب المساعدة لأن الحياة قصيرة، وترغب بإيجاد متنفس خلالها، إذا لم تطلب المساعدة سيغرقك العمل، والحياة الاجتماعية ومتطلبات العائلة.

بدأت منذ فترة لا بأس بها بالتخفف من المسؤوليات التي يمكن لغيري إتمامها، سواء في العمل أو في المنزل. وأستطيع التأكيد بأن الحياة أصبحت أجمل. الآن وضعت خطة محكمة ومتوازنه لا يطغى فيها شيء على الآخر وأتمنى أن تفعلوا ذلك!

تذكر المقالة أيضًا فكرة جيدة للخروج من منطقة الراحة واقتحام المزيد من التحديات في حياتكم: ابحثوا عن مرشد. هل تعمل في مجال جديد يغمرك بالخوف والتردد؟ هل تمر بمرحلة انتقالية في حياتك؟ إن طرح الأسئلة أسرع طريقة للحصول على مساعدة وتوجيه. أكتب لشخص تثق برأيه ويشاركك ذات الاهتمامات. قد لا يكون بالضرورة أكبر منك لكن قد تكون خبرته أكثر عمقًا وغنى. ومن حديثك معه ستصل لحلّ لما يقلقك أو على الأقل ستضع قدمك باتزان على أول الطريق.

ثاني الأمور التي قد تندم عليها لاحقًا: الجهد الذي تبذله للابقاء على علاقة مؤذية

أحبّ أن أوضح أولًا أن الفرق كبير بين المحافظة على علاقاتك حيّة والتواصل المستمر مع الأشخاص الذي يعنيك أمرهم، وبين العلاقات المؤذية (السامة Toxic). سيمر وقت حتى تكتشف ذلك، لكن ما إن تفعل: تصرّف! أكثر شيء يخيف الناس من إنهاء العلاقات المؤذية خوفهم من الوحدة، أو خسارة الآخرين. لكن اقترح عليكم تجربة التفكير في الايجابيات والسلبيات، نعم قد يبدو غرائبيًا التعامل مع البشر من هذا المنطلق، لكن حياتك مهمة جدًا ووقتك كذلك.

ثالث الأمور: التفكير مطولًا في الاخفاقات

اسألوني عن هذا! ما زلت أقاوم هذا الأمر من وقت لآخر. يحدث أن ارتكب حماقة أو خطأ في عملي، ويبقى الموضوع مثل غيمة سوداء تلاحقني. حتى مع تأكيد ذوي العلاقة أن الموضوع عابر والكثير يرتكبون نفس الأخطاء.

قد أبادر بخطوة أو أنفّذ فكرة لا تلقى النجاح المرغوب وأصاب بإحباط يدفعني أحيانًا إلى تجنب رؤية انعكاسي في المرآة! الموضوع مرهق، وما زلت أتعلم تجاوزه بلا تفكير. من جهة أخرى، نجحت في مسامحة نفسي كثيرًا وهذا يسعدني، كلما سامحت نفسك أسرع كلما زادت قدرتك على تجاوز أخطاء الماضي وهذا ما تنصح به المقالة.

الأمر الرابع: التفكير الدائم بالآخرين

إذا حسبنا ساعات يومنا التي نقضيها في الصحو: ١٦ ساعة، وإذا استبعدنا منها ٨ ساعات للعمل أو الدراسة، يتبقى ٨ ساعات أخرى. هل ترغبون بقضاء ٨ ساعات من التفكير في رأي الآخرين في كل ما تفعلونه؟ طبعًا لا! ولا حتى عدة دقائق. لكن البشر يحاولون ويفشلون. قد تؤثر بنا كلمة أو تصرف، أو ردّ ما. ونبقى ساعات وساعات نحلل ونجمع ونطرح بلا جدوى. لكن هل أمضينا لحظة واحدة للتفكير في أن الأشخاص الذين نجري من أجلهم كل هذه الحسابات لا يقضون نفس الوقت بالتفكير بنا أو في رأينا؟

أداوي مشاعري السيئة بالكتابة أحيانًا وبالنسيان كثيرًا. لا مانع من الاعتراف بمشاعرنا السيئة وتأثرنا بالآخرين، لكن ما يقضي على أعمارنا ويلتهمها إطالة التفكير في ذلك.

مخرج

أحب تعليقاتكم هنا كثيرًا، ورسائلكم التي تتركونها في صندوق رسائلي، وأعتذر جدًا لأن الوقت أحيانًا لا يسمح بالردّ عليها. سأحاول مستقبلًا تخصيص يوم في الاسبوع لمتابعة التعليقات هنا والإجابة عليها.

.

.

.

26 تعليقا على “حتى لا يأكلكم الندم”

  1. التعليق: بربك ماذا أقول يا هيفا. من عام ٢٠١١ وأنا متيّم بكتاباتك. أكاد أموت حتى اقرأ لك.

  2. يالله يا هيفا أنا في بداية العشرين وأشعر بالضياع
    مو عشان كبرت بالعكس دايماً اشوف في داخلي طفلة
    بس أشعر بالضياع لأني مابين بين كثير أمور وأهتمامات ومخططات في بالي واحيان اقول لا تستعجلي وبعدين تتركي كل شيء ، حبه حبه وتنجزي وأحاول وأحاول

  3. اشكرك كثيراً كلماتك جاءت في مرحله اعيش فيها كثير من الإخفاقات والاحباط شكرا لك وشكرا لمن أعاد تغريد مقالتك ⁦❤️⁩⁦❤️⁩

    مدينه لكم .

  4. النقطة الأولى استوقفتني لأنني كنت من الذين يخشون طلب المساعدة في سنوات الدراسة خوفًا من أن يُعتقد بأنني غبية، ثم أكتشف لاحقًا أن ذات الأمور التي استعصى عليّ فهمها كانت كذلك بالنسبة لبعض الزميلات..
    لكن ما حررني من هذه المخاوف رغمًا عني هو العمل! أعمل في مجال الطب وحين تكون نتائج الأخطاء والإخفاقات كبيرة وفادحة؛ فطلب المساعدة يصبح أحد أهم ركائز العمل والتدريب. أول قاعدة يعلموننا إياها في المشفى هي أن نطلب المساعدة، بل أصبح عدم طلب المساعدة خطأً نحاسب عليه حتى لو أحسننا التصرف دون مساعدة!
    أدركت أيضًا أن طلب المساعدة بقدر ما يعود علينا بفائدة وإلهام؛ فهو يكسبنا التعاطف والصداقات أحيانًا..

  5. كأنك عارفة اني أفكر بعمري هذي الأيام.. خاصة بعدما اختلطت الأمور فغادرت الجامعة بعد 8 سنين بلا تخرج
    كنت أكتب لنفسي كل سنة (في يوم ميلادي تحديدا) كلمات حزن على عمري حتى بلغت 25 و بدأت فعليا الخوف المرضي من التقدم أكثر

    شكرا هيفاء لأنك تخلينا نعبر.. شكرا لأنك تخففي ثقل الحياة بكلامك دائما
    تبقى مدونتك أجمل شيء غندي

  6. فعلاً طلب المساعدة شيء مهم ويشبه “التفويض” في العمل. والاهم هو طلب المساعدة بأسلوب مباشر ..

  7. أفكار رهيبة! أعجبتني فكرة طلب المساعدة، ثم التخفف من إنجاز كل شيء كل الوقت بأنفسنا، أقرأ هذه الأيام كتاباً يصب محتواه تماماً في هذه النقطة، كتاب عنوانه ظريف، اسمه “مدير الدقيقة الواحدة يواجه القرد”، صحيح أن العنوان كليشي وهو كتاب مترجم، لكن الفكرة مدهشة، العمل الذي يجب على الآخرين أن يقوموا به هو مسؤوليتهم هو قردهم الذي يجب أن يعتنوا به حتى لا يصاب بالأنيميا، لذا فلكل إنسان قرد (أو قرود) يجب أن يعتني به، ولا يجوز لنا نحن المحيطون به العناية به، الفكرة الرهيبة التالية التي نتعلمتها مراراً، هي القضاء على العلاقات السامة، وشدني حقاً ذلك التعبير عن ذلك الجهد الذي نبذله من أجلها خوفاً من الوحدة أو خسارة الآخرين، لكن الحق يبقى والتصنّف جهالة كما نقول، جودة العلاقات وصحتها مقدم على عددها ومدى تكرارها. أيضا فكرة تضخيم الأخطاء هي فكرة جديرة بالاهتمام والتخلص.

    ومثلما تشكريننا جميعاً على التعليق نحن نسجل تعليقاتنا بكل روح إيجابية أخوية حتى تكتمل دورة العطاء والتفاعل الإيجابي اللطيف بيننا وبينك أختنا هيفا. شكراً أستاذة.

    على هامش التعليق: اقرأوا كتاب عبدالوهاب مطاوع، يشبه عنوان التدوينة، اسمه: صديقي لا تأكل نفسك!

  8. شكراً جزيلاً هيفا على التدوينة المميزة ^^
    حقاً أنا من الذين لديهم مشكلة في النقطة الأولى واحاول تخطيها! التفكير بأن عدم طلب المساعدة سيشعرك بالندم مستقبلاً ربما يكون حافز جديد 🙂

  9. مرحبا،
    اولاً: اجمل شي صار بحياتي اني التقيت فيك .. وتعرفنا على بعض كهيفاء وهند بس .. كنتي تحكين لي عن مقالاتك بطريقة راقيه جداً .. تواصلنا لفتره موب طويله بس اثرها بالقلب مستمر .. والسبب جوالي الشرير اللي خرب و تدمرت كل بياناته.

    ثانياً: عقبها جاء تويتر والتقيت فيك من جديد ..كمتابعه وكأخت تتطمن عليك وعلى احوالك من وقت للثاني حتى لو ماحكيت..

    واليوم وعقب قرائتي للمقال.. امنت بنعمة وجودك بالحياة. ومستحيل ما اشكرك عليه ❤️

    محبتك.. هند ماجد البقمي
    اللقاء اللي جمعني فيك هو المؤتمر الدولي الاول للتعليم الالكتروني والتعليم عن بعد عام 2009

  10. أي نوع من الضياع كنت أعيشه قبل ما ألقى مدونتك:(
    جدًا معجبة بأسلوبك في الكتابة ومن قِراءتي لإحدى تدويناتك للمرة الأولى تأثرت وحسيت إني أبي أدون كذا!

    هذه التدوينة أيضًا رهيبة جدًا أحب كيف كلماتك بسيطة وأفكارك سلسلة تلامس قلبي، تأثرت جدًا..
    شكرًا لك

  11. اليوم يعتبر يوم مهم من الواجب اني ادوّنه للتاريخ!
    كنت احس بضياع واُجبرت اني اتخذ قرار وشخص اتخذه عني مو بشكل دائم لكن –كإقتراح– رفضته لسبب مجهول *بدايةً* واخترت خيار بديل بشكل مؤقت، نسيت أو بالأحرى تناسيت الموضوع وكملت يومي فتحت كتابي وقرأت كان فيه رسائل مبطنة! رجعت افكر بالقرار الي صار وقررت اتخاذل عن ثقتي بنفسي للمرة الأولى واطلب رأي شخص معاي واتقيد فيه وما أسوي عكسه.
    فكرت مطوّلا بالأشخاص الي المفترض اسألهم فقررت اسأل 3 الأول: شخص اصغر مني! لكن شخصيته اجرئ بحكم اني شخص انطوائي، وهو العكس فـ له من التجارب ما له.
    والثاني: كان أمي طبعا.
    الثالث: كان شخص ماتربطني بينه أي علاقة سوا التويتر الي جمعنا، ومع متابعة تغريداته صرت اعرف عن تجاربه وأنه شخص مواقفه بالحياة واسعة.
    بالفعل بعد السؤال اكتشفت ان الشخص لازم يسأل غيره لإن مهما حاول وأقرّ انه فاهم نفسه -مثلي يعني- فهو جاهل، من الجيد اني سألتهم اكتشفت ان كل واحد منهم كان شايف جزء من شخصيتي اخذت جزء من كلٍ منهم وكونت فكرتي! وإتخذت قراري وغداً بإذن الله راح أأكد عليه.
    ماعرف ايش السبب الي خلاني اكتبه لكن اظن انها رسالة من الحياة بـ تهنئني لإني تخطيت شيء سيء وحولته للأفضل، كلامك جميل واسلوبك لطيف ايضاً شكراً للحياة على نفعتها هذه وشكرا لك على وجه الخصوص 👍

  12. أهلًا ❤!
    أعتقد إن حُظيت بهذه الزيارة اللطيفة للمدونة!
    أنا أكثر شخص تؤلمه العلاقات ودائمًا ما يحاول ابقاء العلاقات الميتة على قيد الحياة، أعتقد إن الوقت حان لتصفيّة العلاقات وترك حبل الوصل المبتور أصلاً.

    ننتظر جديدك 💕
    أيامك القادمة سعيدة ولطيفة 💛

  13. أبدعتي كالعادة هيفاء شكرا من القلب ♥️
    وأنا أقرأ تدوينتك توقفت عند مقال طلب المساعدة من الأخرين تذكرت قوله تعالى (رفعنا بعضكم فوق بعض
    درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ..) اعظم نعم الله أنه سخر الإنسان لاخيه الانسان .

  14. هيفاء أقرأ كلماتك، وأعلم أنها من لطف الله بي.. جاءت في وقتها بطريقة عجيبة مُعجِزة، دامت حروفك البهية 🌱

    صادفت مدونتك وشدتني طريقة تفسيرك لمشاعرنا ، تدور في عقلي طريقة تفكير الاخرين عني حتى بعض الاحيان أمتنع من المناسبات بسبب هذا الشيء أصبح مثل الهوس والمرض..

    يكتمني بشدة لا أتكلم معهم ولا أشاركهم في الحديث خوفًا من قول شيء غير مناسب ويتسبب في إحراجي ..

    كانت هناك فكرة مزعجة أتخليها منذو الصغر – أن أي شيء راح أقوله أو أفعله ماراح ينسونه الناس وأتخليهم مجتمعين كل يوم يتكلمون عني –

    قرأت كتب كثير عن هالشيء – بحثت في قوقل عن علاج لمشكلتي – أستمعت لمحاضرات طويلة في اليتويوب، لكن لا شيء يذكر ساعدني في حل مشكلتي ..

    قبل شهرين طبقت هذي الطريقة ما أقول شفيت تمامًا بس قدرت أكمل يومي بدون ما أفكر في الاخرين أن شاء الله ماتخلص هالسنة الا أنا بأحسن حال ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.