كيف تفاجئ نفسك؟

 

Painting by Amanda Blake

.

خلال ساعات العمل اليوم حذفت مفضلة مواقعي التي جمعتها من ٢٠٠٧م تقريبًا. عشر سنوات من الروابط المتنقلة التي تتوالد وتمتدّ إلى ما لا نهاية. اكتشفت بأنني أخزنها بلا فائدة! بعضها لا يقود لأي موقع ويعطيني رسالة أن هذه المدونة لم تعد موجودة أو هذا الموقع لا يعمل. وبعضها آخر مدخلاته تعود لثلاث وأربع سنوات مضت. لماذا الحفظ إذًا؟ تذكرت شعار السنة: التخفف. وتذكرت بأنها فرصة لمفاجأة نفسي. حذفت الروابط وخرجت لزميلاتي في المكتب وأخبرتهنّ بالمغامرة، ضحكن وسألنني هل ندمت؟ قليلًا. لكن مع وجود مواقع مثل Pocket وبنترست وغيرها أصبحت أحفظ ما احتاجه مباشرة وأراه أمامي وبعد القراءة أو الانتهاء من المعلومة أحذفها من القائمة وهكذا.

قبل يومين طرحت سؤال في حسابي على انستقرام: متى آخر مرة فاجأتوا أنفسكم؟ وتنوعت الإجابات وكشفت عن فهم مختلف للسؤال. هناك من ذهب للمفاجآت المادية مثل شراء شيء أو الذهاب لمكان، والبعض الآخر فهم السؤال بشكل معنوي: تغلب على مشاعر معينة،أو استعادة الثقة في موهبة ما.

كيف نفاجئ أنفسنا؟

الموضوع ببساطة هي الاستسلام للفضول، كسر الروتين، وتجربة شيء خارج عن ما تألفونه وتعتادون عليه. قد يكون الموضوع داخلي مرتبط بالمشاعر كالتخلص من القلق تجاه أمر ما، أو خارجي ببساطة سلوك طريق مختلف إلى العمل.

فكّرت بيني وبين نفسي ووجدت أنّ إجابتي على السؤال الذي طرحته على المتابعين ستكون كالتالي:

  • جرّبت ارتداء ملابس مختلفة بألوان جديدة علي. استبعدت بنطلونات الجينز التي بحوزتي واحتفظت بواحد فقط ارتديه عدة مرات في الشهر.و اتجهت لخيارات طبيعية ومريحة أكثر واختصرت خزانتي إلى ٣٠٪

  • تمر فترات طويلة لا استمع فيها للأغاني، موسيقى كلاسيكية أو كتب صوتية فقط. مدهش التفكير بصحبة الموسيقى وغياب الكلمات. يأخذني لأماكن جديدة

  • خلال السنة الماضية بدأت بتجربة تناول الأطعمة المطهوة بطرق مختلفة، دخلت منطقة كانت خطرة ومستحيلة بالنسبة لي: منطقة اللحوم النيئة أو المطهوة قليلًا. القائمة بدأت من الأسماك ووصلت للحوم. الفكرة كانت مرعبة في البدء، تناولت اللقمة الأولى مغمضة العينين وبدأت القصة المدهشة من هناك. هذه السنة جرّبت لحم الغزال والبطّ المقرمش والاخطبوط! أيضًا أصبحت المشروبات التي تحمل الزنجبيل في قلبها مشروباتي المفضلة. والتوابل الآسيوية الحارة والفلفل ركن أساسي في الأطباق التي أعدها وأطلبها. فيما مضى كانت قضمة واحدة كفيلة بإشعال معدتي وتوعكي لأيام، تناولت التوابل والفلفل تدريجيا وعلى فترات حتى عدّلت طاقة احتمالي

  • حكاية قريبة أيضًا: استمعت لحلقة البودكاست (بودكاستي) كاملة بعد تسجيلها دون أشعر بالإنزعاج. من يعرفني جيدًا يعرف أنني لا أحب الاستماع لصوتي مسجلًا نعم قصة غريبةتدريجيًا بدأت اتصالح مع الفكرة

  • غيرت الممر الذي ابدأ به في التسوق من السوبرماركت، واكتشفت أني استبعد بعض المنتجات التي لا احتاجها بشدة وفي آخر مرة زرت السوبرماركت نجحت في تجنّب ممر الجبن الذي كان كعب آخيل بالنسبة لي

  • أيضا وجدت واحدة من الأفكار التي يمكن أن تفاجئ بها نفسك: التقدم لوظيفة كنت تعتقد بأن حصولك عليها مستحيل. أو أن الامكانيات التي لديك لا تتناسب معها. المفاجأة الحقيقية: أن تتقدم لها وتُقبل!

  • انهاء علاقة سامة أو التقليل من جلوسك مع أشخاص يتعبونك أو يؤذونك بشكل ملحوظ

  • اعطيت الآخرين فرصة في تدليلي ومساعدتي، وزعت مهامّ كثيرة في العمل كانت ترهقني وأنا أحاول اتمامها دون جدوى، فاجأت نفسي هذه المرّة بتقبل العمل ضمن الفريق وليس الانفراد بكل شيء

  • عندي مشكلة في بدء الأحاديث مع الغرباء، دائما هم يبادرون وأنا انطلق! وإذا لم تدفعني الحاجة أو الضرورة للكلام لن أفعل. في عطلتي الأخيرة جلست وقريباتي وإلى جوارنا مجموعة من السياح الذين يتكلمون لغة جديدة عليّ، كانت مزيج من اليونانية والايطالية والبولندية ولكنني لم أنجح في اكتشافها. بعد صراع طويل التفتت نحوهم وهم مغادرين وسألت: عذرًا لكن إلى أي البلاد تنتمون فقد احترنا في اللغة. وكانت الإجابة مرحبة: نحن من رومانيا. لا يعرف جيراننا كيف كان قلبي ينبض بسرعة وكيف ضغطت بشدة على نقطة في كفّي لأهدئ من روعي وأنا أطرح السؤال بسرعة. فاجأت نفسي وبادرت ببدء الحديث وإن كان قصيرًا

  • سافر إلى مكان جديد. قبل عدة أيام ألغيت حجزي لوجهة كنت أنوي زيارتها في إبريل القادم، واستعدت قيمة التذكرة. كانت مفاجأة قوية على نفسي، لكن فكرة تغيير الوجهة والانتظار لمغامرة أكبر شجعتني على إلغاء الخطة

  • جربوا استعادة موهبة مدفونة. إحدى المتابعات تكلمت عن عودتها للرسم بعد انقطاع، وأنا أفكر في مهارات هزمتني مثل الخياطة التي قد أفاجئ نفسي مستقبلًا وأتقن شيئا منها

  • وأخيرا تذكرت واحدة من التغييرات المفاجئة التي احتفت بها عائلتي: توتّر ما قبل المناسبات. كنت دراما حقيقية في كل مرة ننوي الذهاب لحفلة كبيرة سواء كانت زواج أو اجتماع عائلي! من الاستعداد لارتداء الملابس للخروج، توتر عارم وأحيانًا يستفحل الوضع ويصل للبكاء وانعدام الثقة في مظهري. حدث شيء ما في إحدى المساءات وأصبح الاستعداد للخروج مصحوبًا بالضحك والأغاني والانتهاء قبل الجميع

هذه التدوينة ولدت كمحاولة منّي لمقاومة قيلولة سيئة بعد المغرب، والآن الساعة بعد التاسعة بقليل وأي مؤشرات على النعاس تلاشت بالكامل. شاركوني قصصكم ومحاولاتكم الناجحة والفاشلةفي مفاجأة أنفسكم.

.

.

.

16 تعليقا على “كيف تفاجئ نفسك؟”

  1. ما أجملك يا هيفاء!
    هذه الفترة ركزت على الرسم محاولة مني لاستعادة شغف الطفولة.
    بدأت بالاستماع لمعزوفات مختلفة وكلاسيكية.
    تخلصت من معظم ملابسي لم يتقى سوى كم قطعة. بطبيعتي اقتصادية لذا فكرة الشراء من جديد أحسب لها ألف حساب.
    تابعت فلم لأول مرة ومع الأسف لم يكن بالمستوى.

  2. ياسلام يا هيفاء اثرتي موضوع مثير بحد ذاته !
    الانسان يفاجائي نفسه ومن حوله باشياء جديده دوماً
    فاجاءت نفسي بالعوده وبقوه للرياضه
    عاده في المناسبات الكبيره والزواجات لا احبذ المشاركه بالرقص هذا العام استجمعت قواي واستقصيت الدوار وشاركت فاجاءت نفسي ومن حولي
    اما ما تقولينه عن السؤال عن اللهجات ، فهذه لزمتي المفضله في كل مكان يتوجب علي هذا السوال في السفر ودوما فب المستشفيات اسال هل انت بريطاني ام استرالي😄
    اما الوجهات الجديده فكأنك معي حيث اني اخطط لوجه جديده جدا جدا تكاد تخللف ذوقي ولم تطرأ على مخيلتي قبل ذلك
    وأخيراً افكر في قص وصبغ شعري بشكل لم افعله من قبل

  3. تدوينة مذهلة!
    كم أحب لحظات الصراحة مع النفس، وتقدير إنجازاتها الصغيرة جداً ^^
    قائمتك كانت رائعة ويمكن أخذ بعض الأفكار منها ؛)
    وإن شاء الله سأكتب قائمتي لأفاجئ نفسي
    شكراً جزيلاً💝

  4. تدوينة ممتعه 💓
    بالنسبة لي:
    – انقطعت عن اكل الجلوتين الموجود بالخبز والحليب والاجبان، استمراري بهذه المقاطعه ادهشتني.
    -عدت للقراءة بعد انقطاع.
    -حاولت ان أنشئ مشروعي الخاص لكن انسحبت في النهاية لعدم تأكدي من نجاحة لكن إن شاء الله سأبدا في مشروع واعد آخر.

  5. مرحبا هيفاء قرأت السؤال في انستقرام .. وماتبادرت لذهني أشياء بسيطة جدا وفي الحقيقة تحدث الفرق بعد قراءة المدونه والتفكير

    امم
    فآجأت نفسي بفترة قريبة بالتخلص من أشياء كنت أعتقد إني راح استخدمها في يوم ومكد ستهها ..
    جربت أن أقول لا .. لأول مره بدون مقدمات .. لأنني لا أريد ..
    أن أعود للتدوين مرة أخرى بدون تفكير ..

  6. احببت التدوينه ججداً .
    وفعلاً احياناً ننسى نفاجئ انفسنا ونجرب شعور المفاجأه وهو شعور حلو جد
    صراحه خليتيني ودي اجربه اعترف اني روتينيه وجد لي فتره م ادهشت نفسي وفاجأتها !!
    وحبيت تغيرك والاشياء اللي سويتيها ومنها الدراما اللي تسوينها قبل المناسبات😂💛
    المهم شكرراً ياجميله انك ذكرتينا ونبهتينا بشي جميل ناسينه💛💛

  7. صباح الخير من القاهرة 🙂

    أنا بتابعك يا هيفاء من سنتين تقريبًا، متابعة ملمة بكل شئ تكتبيه، وأظن دي يمكن تاني مرة أكتب لك تعليق خلالهم، أصبحتِ جزء أساسي من حياتي دون أن تدري، وعن سؤالك عن مفاجآة نفسك، اجابتك أوحت لي بأكتر من حاجة أنا فاجئت نفسي بيها، من يومين رحت فرح لوحدي ودي أول مرة اعملها، الحقيقة اني وقفت بشكل كويس مع نفسي، وفي اللغة نفس الحكاية، في جزء من طبيعة شغلي كصحفية نزلت منطقة أثرية، والمفترض المصدر اللي هكلمه أجنبي لكنه يعرف عربي بحكم سنين كتير عاشها في البلد، اكتشفت إنه بيتكلم عربي مكسر وعشان أقدر أتكلم معاه الأفضل اتكلم انجليزي، واتكلمت معاه بالفعل وأخدت تصريحات كانت مهمة في لحظة مكنش فيه أي طريقة تانية عشان أنجز شغلي بيها

  8. مفاجئتي لنفسي كانت اني سافرت خارج البلد التي عشت فيها طوال عمري للدراسة والعمل .. وقدمت على وظيفه في مؤسسة ما لم اكن اتخيل ان اقبل بها لكني قُبلت ايضا ^_^
    ذهبت لخان الخليلي في القاهرة لوحدي وكتبت عنها تدوينة مفصلة .. السفر لوحدك مختلف ومدهش جدا جدا
    غيرت استايل حجابي تماما .. الألوان، والطرح المنقوشة والفساتين النهارية الواسعة لها تأثير السحر على نفسيتي 🙂

  9. من ديسمبر تقريباً قاطعت محلات الستريت فاشن ولم اشتر أي قطعة منها نظرا لأنها لا تراعي التجارة العادلة ولا تكفل حق العمال .. كان زارا عشقي الازلي لم أكن اتخيل ان يمضي شهر دون أن اقتني منه قطعتين على الاقل والآن هاأنا اكمل ٣ اشهر دون اي قطعة! متعب الموضوع لأن المحلات اللتي تراعي اخلاقيات التجارة وتحترم العمال قليلة والاسعار طبعا أعلى مما اعتدت عليه لكن طمنت نفسي بأنها البدايات هي الصعبة فقط وأيضا طمنتها بأني ان لم افلح في الاستمرار سأكون قد كسبت شرف المحاولة على الأقل. التجربة .. لقد فاجأت نفسي وأنا اتحاشى الدخول للمحلات والتسوق والمفاجأة الاكبر ان ادخل المحل وازدري البضاعة!! صنعت لستتي من المحلات المميزة اللتي لا يعرفها أي احد ممن حولي ولا يقتنيها الا قلة قليلة أنا متأكدة ان اي منهم ليس ضمن دائرتي. اشتريت من ثلاث اسابيع جاكيت ازرق من محل هندي بلندن لمصممين هنود ١٠٪ من سعر الجاكيت تذهب لتعليم الاطفال في الهند رغم غلاء السعر الا ان الجودة والتميز والفلسفة تستحق . أيضا اقتنيت سكارف صناعة يدوية لمصممة فلسطينة في بازار فلسطيني بلندن أيضا واليوم اشتريت من موقع الكتروني هندي فستانين وتي شيرت ومتحمسة جدا لوصولها

    1. ممكن تتكلمي عن سياسة التجارة العادلة؟ و كيف أعرف عن الشركة لو تطبقها أو لا؟
      أو تراعي أخلاقيات التجارة و العمل
      الإعلام يبين لنا الصور الني تبتسم لأنها تزيد دخلهم فقط و تبين ما وراء العمل

  10. مساء الخير من الرياض – فوق سريري

    تدوينة لطيف و عميقة..أن تفاجئ نفسك وتخرج من منطقة راحتك لهو أمر تحتاجه النفس البشرية وينعشها ويجدد الإنسان بحد ذاته من أفكار و تأملات و معتقدات.

    أما بخصوص ما جددته بحياتي مممم أظنني لم أفعل الكثير، مع علمي بأهميته لكني أعود لنقطة (لا أكترث) وأتوقف عن فعل أي شيء
    ولكني جربت قول لا لما لا أريد فعله، وقتها يدق قلبي بخوف -أن يكون رفضي أمرا خاطئاً-
    ما زلت لم أحرز التقدم الذي أبغيه بالرفض، لكني مستمرة عليه

    *أود أن أسألك عن كيفية متابعة مدونتك، فأنا لدي مدونة بـ wordpress ومدونتك كذلك، لكن هنالك شيء مختلف بمدونتك يمنعني من متابعتك

  11. جميلة جداً هذه التدوينة ، كنت أُحاول تذكر متى آخر مرة فاجأت فيها نفسي والتي كانت قبل أسبوعين تقريباً حينما تقدّمت للماجستير في تخصصٍ ما وحينما وصلت للإختبار اكتشفت أنّهم قد فصلوا التخصص عن الذي سجلت فيه وبهذا أصبح في اختبار تحريري للماجستير لتخصص لم أستعدّ له لكنّي لا أمانع من خوض التجربة فيه وفعلاً الحمدلله وصلتني قبل أيام رسالة التهنئة بالقبول . تفاجأت من نفسي وسعدتُ جداً بهذه التجربة ❤️

  12. اعجبتني التدوينه لدرجه اني اكتب تعليق الحين وانا من النوع الي مايكتب تعليقات ابدا ،، انا انسانه دائما افاجئ نفسي بأشياء و نواحي كثيره بس ماقد تخيلت او استوعبت الموضوع الا لما قريت مدونتك …. من اهم الاشياء الي فاجأت نفسي فيها هذي الفتره هي اني التزمت بقراءة اكثر من كتابين شهريا مع بدايه السنه و الحمد لله احس قريت كثير و تغير تفكيري من نواحي كثيره في الثلاث شهور الي راحت ،، و ايضا قطعت علاقي بأشخاص و عادات كنت احس انها مهمه و مااقدر اعيش بدونها و لله الحمد احس بشعور افضل و احس تحررت نفسي شوي من الالتزامات بهذي الاشياء.

  13. اليوم نسيت جوالي بمنزل صديقتي
    اتصلت بي لاخذه وطلبت منها الاحتفاظ به ليوم الاحد
    اود تجربة العيش بلا جوال بهالويك اند
    اضنها تجربة ممتعه

  14. أخجلني إن مقدمة الموضوع ( الروابط المخزنة بلا قراءة ) كانت تصف هذه المدونة. محفوظة بالمفضلة لقرابة سنة لكن للتو قرأتها محاولة تصفية المفضلة !
    وندمت على عدم قراءتها في وقتها، مدونة خفيفة ولها طاقة جميلة ..

    شخصيًا؛ فاجأت نفسي في هذه السنة بالتعرف على شخصية ما اعتقدت يومًا إن بيسعنا الحديث! رغم إن ماكنت أنا المبادرة لكن يسعدني جدًا وجود شخصية تشاركني الفضول بنفس الإهتمامات.

    حذفت حساباتي في السوشيال ميديا جميعًا باستثناء الواتس اب.

    توقفت عن صرف مكافآتي الجامعية من بداية السنة الدراسية لشراء شيء أهم وقربت الوصول للمبلغ الكافي.

    شكرًا لهذه المدونة اللطيفة ❤️.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.