٢٦ أغسطس

أنهيت مهام ليلة الأحد باكرًا اليوم وجلست للتفكير في التدوينة، بلا ضغط أو تأهب. أتذكر دائمًا مبدأ التخلص من الالتزامات وأذكر نفسي أن التدوينة الأسبوعية هذه ستكون تمرين كتابي جيّد في سباق المسافات الطويلة -إنجاز كتابي مثلا. كان الأسبوع قبل الأخير من أغسطس حافل بالعمل والزيارات والقصص. التقيت فيه عدة صديقات بعد عدة أشهر من الانقطاع وتبادلنا آخر الأخبار وتفاصيل الحياة التي لم نشاركها على منصات التواصل الاجتماعي.

وضعت من يدي كتاب حاولت جاهدة مواصلة القراءة فيه بلا جدوى! الرواية المكتوبة بطريقة مختلفة «خلية النحل» كاميلو خوسيه ثيلا فشلت في القبض على انتباهي. أحب الكاتب وأتابع المترجم وقرأت له عدة مرات. عندما يحبطني كتاب اتردد في اختياري التالي وأعود لقوائم مشترياتي القديمة وأنبش الرفوف. وفي المرتبة التالية: المقالات الطويلة التي تصلني في النشرات البريدية أو أحفظها في قائمة مفضلة لا نهائية. لديّ كتاب عن الخبز وآخر عن قطّ مفقود وثالث عن سلسلة جرائم في أوكلاهوما الأمريكية. سأنتظر بداية الأسبوع واتبع مزاجي أينما ذهب.

عدت لضبط موعد استيقاظي من النوم بعد فترة خمول ووجدت أن الحضور المبكر للمكتب وبدء العمل قبل ازدحام المكاتب المشتركة أفضل شيء اخترته لطاقتي وتركيزي.

قرأت خلال الأسبوع ضمن نشرة Brain Food فكرة مثيرة للاهتمام عن مفهوم التفوّق – أو ما يجعل بعض الأفراد متفوقين على غيرهم سابقين لهم. وأوجزت الفكرة تسعة أسباب لذلك أترجمها هنا:

  • الموهبة والذكاء. بعض الأشخاص أفضل وأكثر ذكاء بطبيعتهم.
  • العمل الجاد، فالبعض يعمل بجهد أكبر.
  • التفاوت في رؤية العالم بشكل مختلف. تجربة الأشياء المختلفة، قراءة كتب مختلفة، وتفسير المعلومات بشكل مختلف.
  • الانضباط والنظام. ويقصد به تصميم نظام للعمل والعيش والمواظبة عليه (التمرين اليومي مثلا).
  • اقتناص المواهب البعض لديه المهارة في توظيف أفضل الناس وتحفيزهم لتقديم أفضل ما لديهم.
  • الصبر. انعدام الصّبر يغير النتائج.
  • القدرة على تحمّل الألم. ما هو مقدار المخاطرة التي يمكنك تحملها؟ والأهم من هذا: هل يمكنك التعامل مع الخسائر؟
  • الطباع والحالة المزاجية والحفاظ على ثباتك عندما يفقد الآخرين عقولهم.

أشاهد حاليًا -ببطء- مسلسل Halt and Catch Fire.  المسلسل الدرامي الذي يقع في أربعة مواسم ويصوّر فترة ثورة الكمبيوتر الشخصي في الثمانينات وبداية شبكة الانترنت. أعادني المسلسل لأيام الدراسة ومقررات البرمجة البدائية. ولكن بصورة أكبر أثار بداخلي شغفًا خفيًا لبدء مشروع عظيم والسهر لتحقيقه. أحببت تطور الاحداث التدريجي وتعلقي بكل الشخصيات بلا استثناء وهذا نادر الحدوث! دائما لدي شخصية أو اثنتين مفضلة في سياق الأحداث. الكتابة رائعة ولدي استفهام كبير عن شكل نهاية المسلسل؟ لماذا لم يمتد لأبعد من أربعة مواسم؟ تبقى لي موسم ونصف تقريبًا وسأجد الإجابة.

اكتشفت قناة يوتوب مليئة بالفيديوهات الممتعة تقدّمها مطورة وصفات وطاهية بريطانية اسمها تيش وندرز. لديها أيضا كتب وصفات رقمية جاهزة للاقتناء. لكن اقترح عليكم أولا مشاهدة الفيديوهات والوصفات قبل الشراء. الوصفات مناسبة للطهي في المنزل والتقليل من الأكل خارجه. وأعطتني أفكار لذيذة لغداءات العمل.

.

.

استهلال

بدا صوت العنوان في رأسي مناسبًا. اعتدت كتابة التدوينة أولًا والعنوان لاحقًا قبل النشر. لكن مشاعري تجاه المكان والغياب الطويل عنه دفعني للتفكير بـ استهلال. العودة للبدء من جديد. موسم جديد في الحياة. والمصادفة الطريفة أنّ المدارس تبدأ غدًا في المملكة.

استعيد حماسي ليوم الدراسة الأول وجدّة الأشياء والأماكن. كلّ شيء حولي يهيئني لانطلاقة مختلفة.

قضيت عطلات صيفية طويلة في العقدين الأولى من حياتي وأقول طويلة لأننا نترك المنزل وننتقل إلى نجد حيث العائلة الممتدة. لا تترك والدتي المنزل في حالة من الفوضى، الغرف نظيفة ومرتبة بعد حزم الحقائب وثلاجة المطبخ خالية من أي أطعمة قد تفسد خلال الأسابيع التي نغيبها. الأرضيات نظيفة والتكييف على درجة موزونة تبقي المنزل في حالة مناسبة للوصول المرهق والنوم فورًا! كان لمنزلنا رائحة مميزة أظنها رائحة خلو المكان منّا؟ اللحظة التي يفتح فيها والدي الباب ونندفع راكضين وأقف للحظات لتأمل غزل السجاد المنتفش، الستائر الغافية، وسريري البارد.

مرّت السنوات وتغير شكل العطلة الصيفية تمامًا. لم أحظ بالكثير من الفواصل المنعشة منذ انتقلت للعيش في الرياض والتزمت بالعمل في وظائف بدوامٍ كامل بدلًا من العمل المستقل. تشتدّ حرارة الجو وأقضي أيامي في الركض بين المهام وتأمل المسافرين عبر منصات التواصل ومعارض الصور والفيديو المشاركة. صيف مختلف لهذا العام فقد حصلت على عطلتي المنتظرة وأقنعت أخواتي بزيارة اسكتلندا -أدنبره تحديدا- بعد خمس سنوات من زيارتي لها. وانجلترا بشهادة نشرات الطقس والسكّان شهدت يوليو الأبرد منذ العام ١٩٧٠م. كلّ هذا ساهم في رحلة مدهشة استمتعت بكلّ لحظاتها. لم يمتلئ الجدول بالخطط فقط ساعات طويلة من الأنشطة البطيئة، الطعام اللذيذ والكثير من الفنّ.

وكلّ مرة نسافر سوية نجلس للحديث في رحلة العودة عن الأشياء التي أحببناها واللحظات والتجارب التي علمتنا درس جديد أو جانب خفيّ في أنفسنا.

قائمتي العشوائية كانت:

  • زيارة معرض البورتريه الوطني في لندن بعد اغلاقه للصيانة ثلاث سنوات.
  • تصوير الرحلة على فيلم بدلا من كاميرا رقمية.
  • حضور مسرحية Phantom of the Opera  بعد مقاومة طويلة.
  • تجربة التسوق الرقمي لشراء الكتب من مكتبة Waterstones وزيارة الفرع القريب لاستلامها. هكذا استبعدت التسوق الفوضوي واخترت فقط ما احتاجه.
  • المحافظة على مسافة كافية بيني وبين الأقلام والدفاتر، قطعت وعد لنفسي ألا اشتري المزيد منها.
  • رحلة بالسيارة ليوم كامل في المرتفعات الأسكتلندية كانت خيار ممتاز للانغماس في الطبيعة.
  • النهارات الطويلة كانت هدية مضاعفة.

والآن عودة للموضوع المهمّ، التدوينة هذه ليست للحديث عن عطلتي، بل عن المشاعر التي تتبع العطلات من هذا النوع. العودة للموضوع الرئيسي في حياتي والمشاريع المؤجلة والروتين الذي غادرته لسبب أو آخر. منذ فتحت الباب وعبرت للسنة الحالية وأنا في حالة من الترتيب الدائم وإعادة التهيئة. بدأت بصحتي -وهذا موضوع سأكتب عنه قريبًا بإذن الله- وانتقلت لمساحتي التي أعيش بها بعد أن قررت ألا أؤجل أي شيء بسبب العيش في منزل مؤجر. وانتقلت من المساحة للدوائر الاجتماعية ومنها إلى العمل.

اشتاق كلّ يوم للكتابة والعمل الإبداعي وأبحث عنه في داخلي ولا أجده. استهلك الكثير من المعلومات والصور والمشاعر وأنا مستمتعة جدًا بالتأكيد، ولكن أين يذهب كلّ هذا؟ أريد أن اكتب تأملاتي الطويلة واستكشف الأثر في روحي. اقرأ كثيرًا هذه الأيام، وانتقل من كتاب لآخر بعد عدة صفحات من الملل والانزعاج. أحرك جسدي بشكل أفضل بعد أن تحررت من أثر الإصابات. وكلما صنعت شيئًا يستحق الاحتفاء اكتبه حتى لا أنسى.

وفي هذا الترتيب والبحث الدائم تعلمت تعديل توقعاتي وأولوياتي، وأصبحت تفاصيل محدودة لضمان أثر أكبر. ثمان ساعات من النوم؟ شرب الماء الكافي؟ البقاء في المنزل خلال نهاية الأسبوع مهما كان الخروج مغريًا؟ احتفظت بهذه القائمة القصيرة وأعدتها مرات ومرات فهي ضمان انضباط مزاجي وطاقتي الأفضل لأداء العمل والتواجد في دوائري الهامة.

تخففت كثيرًا، الأثاث والملابس والكتب وكثير من الأشياء التي عندما رأيتها بعد سنوات من الغياب استغربت لم أنفقت مالي فيها؟ وبذكر التخفف عطلت حسابي في تويتر بشكل نهائي الشهر الماضي -أو الذي قبل نسيت- لم أحفظ أرشيف ولم أفكر مرتين قبل تعطيله. لقد توقعت ذلك سابقًا واتخذت قرار عدم العودة إليه وعدت بعد مضي أشهر. هذه المرة خروج نهائي وسأكتفي بالكتابة في مدونتي والحضور المصوّر في التطبيق الأحبّ لدي Instagram.

حضرت الأسبوع الماضي دورة تدريبية في معهد مسك للفنون بعنوان «مقدمة في إدارة المشاريع الفنية». كانت الدورة لطيفة وخفيفة وجمعتني بشخصيات واهتمامات مختلفة. القصة ليست هنا، القصة في الأسئلة العميقة التي ظهرت أمامي خلال الأسبوع وأعادتني للنقطة الأولى: لماذا أكتب؟ ولماذا اشتاق واحتاج للإنتاج الإبداعي؟ السؤال الذي يجيبه حرصي الدائم على إبقاء هذه المدونة حاضرة. صيانتها وسداد رسوم الاستضافة والاطلاع على أرشيفها كلما أضعت بوصلتي. وفي كلّ مرة أقول بصوت مسموع حان الوقت للتوقف واختيار مشروع آخر أو الالتزام بالصمت وإيجاد هواية أخرى، أعود هنا. أرتّب المكان واتأمل رائحته الجديدة الخالية من الأثر، وأفكر في مشروع لطيف سيبقيني في حالة الحماس لنهاية العام. لكلّ أسبوع باقٍ في ٢٠٢٣ سأكتب تدوينة جديدة بلا تصنيف أو فكرة محددة. ما يمكنني التفكير فيه والكتابة عنه سيظهر وهكذا يستيقظ الحبر النائم وتعود الحياة هنا من جديد.

شكرًا لكم، لرسائلكم وتفقدكم وحماسكم للتدوينات التي لم تولد بعد.

.

.

.

كيف تبني منهجك الإبداعي؟

قدّمت خلال الأسبوع الماضي ورشة قصيرة لفريق العمل في استديو مشبك. تناولت الورشة موضوع بناء المنهج الإبداعي أو Creative Process، استمتعت بالحديث والبحث عن الموضوع واستعدت خطوات وتجارب كثيرة مررت بها خلال السنوات الماضية.

أشارك في المدونة المحتوى الذي قدّمته وأتمنى أن تساعدكم المعلومات التالية في:

  • رسم منهجكم الإبداعي الخاصّ.
  • تقليل التحديات التي تواجهكم في مهامكم اليومية.
  • اختصار الوقت الكلي في تأدية المهام وتوجيه طاقتكم للتعلم والتواصل بشكل أفضل.
  • والخروج بمنتجات مهنيّة متقنة ومتميزة.

ماذا نقصد بالمنهج الإبداعي؟

المنهج الإبداعي أو العملية الإبداعية يقصد بها طريقة توليد أفكار جديدة وأصيلة، والربط بين الأفكار وإنتاج المنتجات أو المشاريع بناءً على تلك الأفكار.

ما هي فوائد بناء المنهج الإبداعي؟

يساعد في حل المشكلات.

يمكن أن يمنحك الإبداع طرق جديدة ومبتكرة للتعامل مع المواقف الصعبة والتحديات.

 يسمح لك بتطوير ثقتك بنفسك.

تتيح لك العملية الإبداعية الشعور بالتواضع والتعلم من الصعوبات وبالتالي تعزيز احترامك لذاتك. إن الصعوبات والتجربة والخطأ التي نمرّ بها جزء من بناء الأفكار والمشاريع التي تطور قدرتك الإبداعية.

يساهم في تقليل التوتر.

من خلال التجربة والتفكير والعصف الذهني نمرّ بمرحلة تجريبية ممتعة ومرحة في كثير من الأحيان. وعملية إنتاج فكرة أصيلة وجيدة يحقق شعور بالإنجاز وبالتالي خفض مستويات التوتر ورفع جودة الحياة والعمل بشكل عام.

يعزز الثقة بالحدس.

عندما تبدع تكتسب الثقة تدريجيًا بأفكارك ومشاعرك وحدسك بشكل خاصّ. وحتى لو كانت محاولات الإبداع هذه لا تأتي بنتيجة ناجحة أو مذهلة، ما زال بإمكانك الشعور بالتقدير لهذه المهارات التي اكتسبتها.

يحسن الوعي الذاتي والتعبير.

تساهم العملية الإبداعية في إيصالنا إلى أفكار ومشاعر ومعتقدات أعمق ومن خلالها نتفهم أنفسنا ونثق بها ونقدرها. العملية الإبداعية أيضا تعني تكريس الوقت والطاقة لتطوير الأفكار وبالتالي تتطور طرق التعبير لدينا وتصبح أكثر مرونة ووضوح.

يسمح بالمخاطرة.

يسمح لنا الإبداع بتجربة أشياء جديدة ويمنحنا فرصة التفاعل مع العالم ومن حولنا بلا خجل وتردد.

ما هي خطوات بناء المنهج الإبداعي؟

وضع عالم النفس البريطاني غراهام والاس في عشرينيات القرن الماضي نظرية للعملية الإبداعية مبنية على خبرة طويلة من دراسة وتفكيك العملية الإبداعية لدى شريحة متنوعة من الأفراد والتخصصات.

تشمل هذه العملية المراحل التالية:

التحضير

تبدأ بالإعداد وجمع المعلومات والمواد، وتحديد مصادر الإلهام، واكتساب المعرفة الأولية حول المشروع أو المشكلة المطروحة. هذه العملية تكون غالبا داخلية: تفكير، عصف ذهني، والتفاعل مع المعطيات. ومن ثم تتحول لعملية خارجية: جمع بيانات، موارد، وخبرات لازمة.

الحضانة

بعد جمع المعلومات والمصادر يبدأ تحضير الفكرة بهدوء وبطء (أو بحسب ما يسمح به وقت المشروع) ويبدأ بناء الروابط بين هذه المصادر. تسمح هذه الفترة الهادئة نسبيًا للعقل بالتفكير العميق والراحة لابتكار أفكار جديدة.

لحظة الاستنارة / الاكتشاف

بعد حضانة الأفكار تنشأ أفكار ورؤى تنتقل من عمق العقل إلى الإدراك. هنا لحظة إلهام قوية (درامية أحيانا) تأتي الفكرة ونحن منشغلون بشيء آخر لا علاقة له بها. وهنا أيضا يولد الحلّ.

التحققّ

بعد لحظة الاكتشاف المدهشة تبدأ بتدوين ما وجدته، ويتم التنفيذ الفعلي للخطة. هذه المرحلة هي مرحلة التجسيد والتطوير وصقل المنتج وإيصاله للآخرين.

كيف تحقق النجاح في خطتك وتتجنب المشاكل؟

اطرح الأسئلة بحكمة.

تحتاج إلى أسئلة وأهداف واضحة عن بدء العمل على كلّ مشروع أو فكرة إبداعية. ما هو الهدف النهائي؟ من الجمهور المستهدف؟ ما هي المدة اللازمة للعمل؟ ما هو حجم الفريق الذي سيعمل على المشروع؟ هذه الأسئلة كلما كانت واضحة ومباشرة ستساعدك في العمل وفريقك كذلك.

ركز على فكرة واحدة كل مرة.

يمكن أن نؤثر على قدرتنا الإبداعية عندما نحاول العمل على كلّ شيء في الوقت نفسه. تساعد الحدود التي نضعها في مجال العمل على أي مشروع على تحديد المسار وبالتالي لا نصل إلى طريق مسدود بسبب الاستطراد والتنزه الإضافي!

جهز السكة قبل تحرك القطار.

بمجرد أن تبدأ مراحل العمل سيتحرك كل شيء بسرعة وسيكون إصلاح الأخطاء أو تعديل التصورات في وقت لاحق أصعب. بأخذ وقت مختصر ومركز للجلوس مع أصحاب المصلحة والفريق وحتى مع نفسك يمكن تحديد كل الأدوار والتوقعات. في هذه المرحلة أيضا ستكتشف أي تحديات أو ممانعة أو صعوبات تعترض الطريق.

.

.

أتمنى أن هذه النظرة السريعة مفيدة لكم ويمكنكم الرجوع للمصادر التالية للمزيد:
How to Structure Your Creative Process to Make Creativity Flow Easily

Best Practices for Building an Effective Creative Process

Understanding the four stages of the creative process

11 Tips For Developing Your Own Creative Process

.

.

.

٧ مايو

تواصلت معي يوم أمس موظفة في محلّ للعباءات وابلغتني أنني اشتريت منهم عباءة وطلبت تعديلها ولم أعد لاستلامها. في البدء ظننت أنها مسوّقة تحاول بيعي شيئا أجهله ورددت على الرسالة بأني لا أذكر أمرًا كهذا. عادت لتؤكد وتعطيني وصف تفصيلي للمنتج وحينها فقط شعرت بالذكرى وكأنها دلو ماء بارد سُكب على رأسي! فعلًا اشتريتها في أكتوبر الماضي وطلبت تعديلات عليها. لم أعد للمحل حتى اللحظة ونسيت الأمر تمامًا.

لم أعتد شراء الأشياء ونسيانها وخصوصا العباءات التي تتطلب مني دائمًا جهد مضاعف فلا أحب التسوق في المجمعات لساعات ولا أحبّ شراءها من متجر إلكتروني. أخصص يوم واحد كل عدة أشهر واشتريها وينتهي الأمر.

تلك الفترة محاطة بغيمة داكنة والكثير من التشوش في ذهني. فقد تركت للتو وظيفة عمرها الافتراضي قصير جدًا، وبعدها بفترة استعدّ لنقلة جديدة ورحلة سفر ووعكة صحية كلّها في نفس الوقت. ضحكت من الموقف بعد تأمل قصير ونويت العودة لتقييد مشترياتي بالكتابة كما كنت أفعل سابقًا.

بدأت عطلة العيد باحتفال عائلي لطيف، وعدة أيام قريبة من مياه الخليج والنوارس كانت رحلة منعشة أعادتني لأجواء الصيفيات البعيدة.

أن أكون قريبة من الماء-البحر تحديدًا- هذه إحدى أساسيات العيش وأحرص عليها كلّ سنة سواء كانت رحلة قصيرة أو طويلة. أريد دائما الاستماع للموج وتتبع الطيور البحرية في السماء حتى تضجر من الطيران وتذهب.

قرأت كثيرًا، وأعدت التوازن لجدولي اليومي. كنت محظوظة حقًا بأن السهر الطويل لم يقلب جدولي تمامًا. وعليه كانت العودة للعمل والصباح أسهل بكثير من أعوامٍ مضت. أعود من جديد للحياة اليومية مشحونة بحماس غاب عني طويلا، وأتفكر في مفردة «البطء» التي تطلّ برأسها كل يوم بشكل جديد.

أحبّ هذا السير الهادئ تجاه الأشياء، والتقط بعفوية أي موضوع أو فكرة مرتبطة به. في مدونة الفنان والكاتب الأمريكي أوستن كليون مررت بتدوينة عن ميثاق التعلم البطيء. أحببت ما ورد فيها وأشاركها معكم بعد ترجمتها بتصرف.

ميثاق التعلّم البطيء

ابتكر مجموعة من المؤلفين والفنانين والمعلّمين ميثاقًا لحقوق المتعلم البطيء يضم عشرة بنود تعطي المتعلم البطيء الحق في:

  • التركيز على الاتجاه لا الوجهة بالانغماس الكلّي في الرحلة حتى الوصول إلى الهدف النهائي تدريجيًا.
  • طرح الأسئلة.
  • البحث عن إيقاعك الخاص دون مقارنة نفسك بالآخرين.
  • الانفصال وتوجيه انتباهك نحو ما هو ضروري بعيدًا عن المشتتات.
  • تغيير مسار التعلم والخروج من منطقة الراحة بالتفكير المختلف وتعلّم أشياء جديدة.
  • أخذ استراحة عبر وقفات قصيرة وطويلة لتحسين أداء التعلم الخاص بك.
  • ارتكاب الأخطاء.
  • ترك المشاريع بلا إكمال والابتعاد عن قوائم المهامّ الطويلة والاستمتاع من حين لآخر بالأيام العفوية.
  • التخلّي عن المعرفة السابقة وإعادة تشغيل عقلك بشكل مختلف.
  • التمهّل. البطء والثبات يفوزان في سباق التعلّم.

أشياء استمتعت بها مؤخرًا

رواية «شرطة الذاكرة» ليوكو أوغاوا بترجمة محمد آيت حنّا. هذه المرة الأولى التي أقرأ للكاتبة اليابانية ولن تكون الأخيرة حتمًا. أحداث الرواية خيالية ولكن شعرت بأنها يمكن أن تُصنف ضمن مدرسة الواقعية السحرية. تدور أحداث الرواية في جزيرة يشهد سكّانها اختفاء الأشياء والمخلوقات تدريجيًا. وبينما يتخلى الناس عن ذكرياتهم أو يحتفظون بها سرًا، تلاحقهم شرطة متخصصة في التحقق من إتلاف كل ما يرتبط بهذه الذكريات. الأحداث متسارعة ومتداخلة بين عدة شخصيات والترجمة جميلة حقيقة. ستكون هذه الرواية مدخلي إلى أعمال أوغاوا وانتظر بحماس الاطلاع على أعمالها الأخرى التي نُقلت إلى العربية.

زرت مطعم Lumee Street بقائمة شهية في المنامة بالبحرين، للمطعم عدة فروع حول الخليج وأتوقع أن يأتي للرياض قريبًا. إذا كنتم تبحثون عن مطعم يغطي الكثير من الأذواق ويقدم الأطباق بمكونات طازجة وشهية أقترح عليكم تجربته. في الغالب تحتوي القائمة على أطباق تقليدية من الشرق الأوسط (دول الخليج والبحرين ومصر وتركيا وبلاد الشام وإيران) مع لمسة معاصرة.

شاهدت مسلسل The Diplomat  على نتفلكس، دائمًا تجذبني المسلسلات التي تنقل صورة عن الحيوات السياسية في مختلف الدول الغربية وإن كانت القصة خيالية إلا أنها تعتمد على أحداث معاصرة وحقيقية. هناك الكثير من الصور النمطية لكن بشكل عام أحببت المسلسل القصير ربما بسبب الممثلين المفضلين وبي حماس للجزء الثاني منه والذي أعلنت عنه المنصة مؤخرًا.

قرأت هذه المقالة الممتعة في مجلة الاتلانتيك حول وقفات الصّمت المربكة. أستطيع القول بأنّ نظرتي تغيرت قليلًا حول الموضوع وسأحاول تذكر تفاصيلها في المرة القادمة التي أجد نفسي في صحراء الكلام!

استبدلت الحليب العادي بحليب الشوفان في كوب قهوتي الصباحية، خفف ذلك من شعوري بالانتفاخ والانزعاج. أحبّ مذاق الشوفان بشكل عام ولا أمانع من ظهوره في مزيج القهوة. قد استمر على هذا التغيير وقد أجرّب أنواع أخرى من الحليب النباتي لأصل لمشروبي المفضل.

جرّبت مؤخرًا وللمرة الأولى مربّى تفاح بالقرفة! أتناوله صباحًا مع الخبز المحمص والزبدة، أو مع زبدة الفول السوداني، وكما يقترح المصنّع: مع جبنة البري الذائبة. طعمه شهي جدًا وكأنه مكرمل للتوّ. يمكنكم شراؤه من محلات السوبرماركت الكبرى أو من موقع iherb.

هل نحتاج لإنفاق الكثير من المال والخروج من المنزل لتعزيز صداقاتنا؟ هذه المقالة الممتعة تجيب على هذا التساؤل.

.

.

قرأت اليوم ٣٣ رسالة على بريدي الإلكتروني واستمعت لراديو الموسيقى الكلاسيكية من نيويورك يحتفل بميلادي تشايكوفسكي وبرامز. تناولت الفول على وجبة الغداء بدلا من الإفطار وعملت على خطة مهام الأسبوع.

كيف كان يوم الأحد؟ ما الذي يثير حماسكم للأيام القادمة؟

.

.

.

Artwork by Paula Zinsmeister

.

.

.

خفّف السرعة منعًا للإنزلاق

نعيش أيّام مطيرة مدهشة منذ عدة أشهر، هذا الطقس بذكّرني بسنوات طفولتي الأولى والعطلات الشتوية في الرياض ونجد بشكل عام. مزيج الأجواء المنعشة وشهر رمضان المبارك دفعني بشدّة للهدوء والتأمل الطويل. هكذا هي الحياة عدة أشهر من الركض والفوضى، ومن ثم استعادة التوازن والتوقف قليلًا والانطلاق من جديد.

أحبّ اللوحات الاعلانية والتحذيرية كذلك، تذكّرني بأشياء غفلت عنها. ومع الجوّ المطير تكررت رسالة في طريقي كلّ مرة يهطل المطر: خفّف السرعة منعًا للانزلاق! وأنا بدوري أشعر أن الرسائل تخبرني بأمر خفيّ لا يرتبط بالجوّ أو الحياة من حولي. رسالة أخرى تكررت تصدر من جهاز التحكم في السيارة وصوت سيدة يقول:

 Red light and speed camera ahead. Reduce your speed

أمامك إشارة حمراء وكاميرا مراقبة السرعة. خففّ سرعتك.

يا إلهي! على مدى ثلاثة أشهر تقريبًا وهذه الرسائل تظهر كل عدة أيام واتجاهلها. ربما لأنني أودّ الاستمرار في انطلاقي؟ وحرق المراحل والخطوات لأصل إلى نتيجة ما، أو لا أصل.

من جديد، أنا في مكان اندفعت إليه بكامل قوتي وحماسي وتأهبي لكن النتائج لا تبدو طيبة، ما من نتيجة حقيقية إذا كنت صريحة مع نفسي. ألجأ الآن لذكائي وحدسي وبعض الرسائل على الطريق لأتوقف واتراجع عن المسار الذي بدأته مدفوعة بفضولي بداية العام.

ربما لا يفهم من التأمل أعلاه أيّ شيء فالقصة كلها في رأسي، ولكنها فكرة جيّدة لتمرير هذا الشعور إليكم. ما الذي تركضون باتجاهه لمدة الآن بلا جدوى؟ ما هو السيناريو الذي وضعتموه لمشروع أو مهمّة ولم يتحرك في أي اتجاه؟ هذه أسئلة لتأملكم الخاصّ.

الخبر الجيّد أنني تعلمت دروس كثيرة ممزوجة بالصبر والتوقع الطيب. والخبر السيء أن هذا المكان معلوم بالنسبة لي وشاهدته كثيرًا خلال السنوات القليلة الماضية.

كيف تمضي أيامي؟

رمضان هذا هادئ جدًا – قلتها سابقا- العمل فيه من المنزل وطاقتي موجهة بالكامل لصحتي وتغيراتها المتسارعة وحياتي الاجتماعية وملفاتي المؤجلة. قبل عدة أشهر وخلال زيارة لإجراء تحاليل وفحوصات اعتيادية اكتشفت عرض صحي بالصدفة! العلاجات تقوم بعملها والحمد لله. وربما كانت لحظة مهمّة أو نداء يقظة احتجته لانتبه لنفسي.

اقرأ كثيرًا واتعلّم من فيديوهات يوتوب واكتشف جوانب جديدة للحياة. استعد للعودة للعمل بعد الإجازة القصيرة، ورحلة منتظرة مع قريباتي. اشتقت لتقديم ورش العمل سواء الحضورية أو عبر الانترنت وأفكر في تفعيل ساعات استشارية حول الكتابة وصناعة المحتوى بشكل عام.

شاهدت فيديو طويل مدته ساعتين تقريبًا وكأن غشاوة أزيلت عن بصري! الآن فهمت لماذا تفشل محاولاتي في تضمين عادات معينة في يومي. ببساطة الوقت غير مناسب! يناقش الدكتور اندرو هوبرمان أستاذ علم الأعصاب وطب العيون في جامعة ستانفورد في حلقة من بودكاسته فكرة تقسيم اليوم لمراحل عدّة وكل مرحلة تناسب مجموعة من العادات.

اختصر لكم هذه التفاصيل في التالي:

لنتمكن من تعديل عاداتنا يجب في البدء امتلاك الطاقة للتغلب على الانزعاج والتسويف أو الصعوبات المرتبطة بها. سيكون الوضع أسهل إذا استفدت من الإيقاع الطبيعي للعقل والجسم خلال اليوم. ولذلك يقسم هوبرمان اليوم إلى ثلاثة مراحل باعتماد نظام ٢٤ ساعة.

المرحلة الأولى

ترتبط هذه المرحلة بأول ٨ ساعات من الاستيقاظ. يكون عقلك وجسمك في أعلى نشاطهما بسبب ارتفاع مستويات الدوبامين والأدرينالين والكورتيزول. من السهل في هذه المرحلة التغلب على الانزعاج والتسويف

في هذه المرحلة اختر من ١-٤ عادات تتطلب طاقة عالية وتركيز وذلك بحسب جدولك الزمني وساعات عملك. يمكن أن تكون مخصصة للقراءة المركزة أو الدراسة أو ممارسة الرياضة. جرّب إضافة وتعديل العادات خلال فترة معينة لتقييم مدى تجاوبك.

المرحلة الثانية

تقع بين الساعة ٩-١٥ من الاستيقاظ. هنا ينخفض الأدرينالين ويبدأ السيروتونين بالارتفاع تدريجيًا وبشكل طبيعي. هذه المرحلة مخصصة للعادات التي لا تتطلب الكثير من الجهد أو المقاومة. وقت ممتاز في اليوم للاستكشاف الإبداعي مثل الكتابة، والمسودات الأولية للمشاريع، اللعب والتجريب. والأنشطة البدنية التي تتطلب جهد منخفض مثل اليوغا والتنفس. هذه المرحلة الأكثر مرونة في اليوم. تجربة وصفة جديدة للعشاء أو اللقاء بالأصدقاء والعائلة.  تجنب استهلاك الكافيين في هذه المرحلة سيمنع اضطراب النوم في المرحلة التالية.

المرحلة الثالثة

تقع بين الساعة ١٦-٢٤ من الاستيقاظ. هنا نعيد ضبط يومنا من خلال الراحة والنوم. وفيها يستحبّ:

  • تجنب الأضواء الساطعة وخاصة أضواء الأجهزة الإلكترونية.
  • النوم في غرفة باردة ومظلمة.  
  • التوقف عن الأكل قبل النوم بساعتين.
  • تناول مكمل المغنيسيوم لتحسين جودة النوم.

وباختصار، يؤكد هوبرمان أن جزء كبير من عملية تكوين العادات يرتبط بكونك في حالة ذهنية صحيحة مع القدرة على التحكم في جسدك وعقلك.

يقترح هوبرمان تجربة نموذج لتكوين العادات مدته ٢١ يوم. نختار خلاله ٦ عادات نود تبنيها ونربطها بكلّ مرحلة من مراحل اليوم. يُتوقع ألا نتمكن من تحقيقها كلّها بحيث ينقضي اليوم بفعل ٤ إلى ٥ منها، والبقية في أيام أخرى من الأسبوع وهكذا. إذا لم أتمكن من تنفيذها لا أفرض على نفسي عقاب أو مكافأة. وبعد انتهاء مدة ٢١ يوم أعود لاكتشاف هذه العادات: ما الذي أصبح منها تلقائيًا؟ وما الذي يحتاج إلى تشجيع وتأييد. لا أضيف أي عادات جديدة حتى أتمكن من الستة الأولية وهكذا.

تبدو الفكرة ممتعة وسأبدأ بالتجربة الفعلية بعد انتهاء عطلة العيد بإذن الله.

.

.

Collage by David Van

.

.

.