هوَ

“Givenchy” by Brett Lloyd & Bryan McMahon
“Givenchy” by Brett Lloyd & Bryan McMahon

كان يُنصت.

ليس مجرد تظاهر بأنه يصغي، من منطلق الاتيكيت، وهو ينتظر، وقد نفد صبره، أن تنهي كلامها وتكفّ عن الثرثرة. لم يكن يخطف من محدثته الجملة من فمها ويكمّلها بدلا عنها بعد نفاد صبره. لم يُسكتها، ولم يقاطعها لكي يلخص أقوالها وينتقل إلى موضوع آخر. لم يكن يسمح لمتحدّثته أن تتكلم إلى الهواء وهو يحضّر أثناء ذلك ما سيرد عليها عندما ستتوقف أخيرا عن الكلام. لم يكن يتظاهر بأنّه مهتم أو مستمتع بل اهتمّ واستمع فعلا، هيا، ماذا. كان فضوليا لا يملّ ولا يتعب. لم يكن فارغ الصبر. لم يحاول في تحويل المحادثة من المواضيع البسيطة التي تثيرها إلى مواضيعه، المهمّة. بل على العكس، لقد أحبّ جداً جداً أحبّ مواضيعها. واستمتع دائما بانتظارها، حتى وإن أطالت كان ينتظرها وخلال ذلك يستمتع بكل التواءاتها. لم يستعجل، لم يُعجّل. كان ينتظرها حتى تنهي، وحتى عندما تنهي لم يكن يقفز ليخطف منها الكلام بل أحبّ أن يستمر في انتظارها: ربما ما زال عندها القليل بعد؟ ربما تأنّيها موجة أخرى؟ أحبّ أن يدعها تمسك بيده وأن تأخذه إلى أماكنها ووفق وتيرتها. أحبّ أن يرافقها مثلما يرافق النّاي الغناء. أحبّ أن يتعرف عليها. أحبّ أن يفهم. أن يعرف. أحبّ أن يدرك ما تعنيه وأن يفهم مرادها وأكثر قليلاً. أحبّ الاستسلام، كان يستمتع بالاستسلام أكثر مما تمتع باستسلامها.

اقتباس من قصة عن الحبّ والظلاملـ عاموس عوز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.