كتاب التغيير، وأشياء أخرى.

أو دفتر التغيير. كتبت عنه من قبل في تدوينة: “بدأت في منتصف مارس الماضي بتسجيل التغييرات اليومية الصغيرة التي وبعد فترة طويلة من تجربتها ستكبر، وسيكبر تأثيرها عليّ. كنت دائماً أبحث عن تغيير جذري وواضح لأغير حياتي ككل، وهذا متعب ونتائجه ليست مضمونة! بدأت بالتغييرات الصغيرة، وتسجيلها، والتي قد تبدو طريفة وغير مهمّة أحياناً إلا أنني بدأت اليوم بالاستمتاع بها. اقتنيت للفكرة دفتر مزخرف بالزهور الملونة واتركه في حقيبتي في كلّ مكان أذهب إليه، وإلى جانب رأسي لأكتب فيه قبل نهاية كلّ يوم. قد لا يكون هناك تغييرات يومية بالضرورة لكن فكرة التسجيل والتأريخ جميلة وممتعة.”

وما زلت أذكر بأنني وعدت بتخصيص تدوينة للحديث عن هذه التجربة. لن أبحث عن تغييرات مثالية قام بها أشخاص آخرون، بل سأتحدث واقتبس من الدفتر الذي خصصته لهذه التغييرات.

23 مارس 2013م

شربت كوباً من الحليب البارد بلا إضافات، من الثلاجة للكوب لفمي. وهذا نادر الحدوث، لم أستطع قبل اليوم تقبّل فكرة شرب الحليب الطازج بلا تدفئة أو إضافات، عندما فعلتها شعرت بأنني بطلة، وأنّ حياتي تغيرت. اليوم أيضاً اتصلت بصديقة لا أتحدث معها على الهاتف عادة، لم أتحدث معها على الهاتف أبداً بعد أن تبادلنا أرقامنا، التقي بها كثيراً من وقت لآخر ولكن لا نتحادث هاتفياً، اتصلت بها وقضيت وقتاً رائعاً في الحديث عن كلّ ما كان يشغل ذهني في تلك الفترة.

25 مارس 2013م

لمست شجرة تخيفني في حديقتنا، أخرج كلّ يوم للمشي حول المنزل لكن لم أملك الجرأة للمسها من قبل، تخيلت بأنها مسمومة وقاتلة! لكن بعد ساعات لم يحدث أيّ شيء والخيالات التي كوّنتها في رأسي كانت وهماً.

27 مارس 2013م

تعرّفت على سيدة جلست بجانبي في صالون التجميل، تحادثنا وعرضت عليها بسكويت مع كوب القهوة الذي كنّا نشربه، علمت من حديثنا أنها طبيبة نفسيّة.

29 مارس 2013م

تحدثت مع فتاة جلست بجانبي في رحلة الطائرة، لا أتحدث مع الغرباء وأجد صعوبة في ذلك، خوف بلا مبرر، أو خجل؟ الله أعلم. انتهى الحديث بوصولنا للأرض وأعطيتها عنواني على شبكة تويتر الاجتماعية.

5 أبريل 2013م

جففت شعري من اليمين إلى اليسار. وهي الطريقة التي لا أحبها، هناك جانب مفضل من شعركم؟ ودائما تبدؤون به ويحصل القسم الأقلّ تفضيلاً على طاقة أقل، ومزاج أسوأ وهكذا يكون المظهر العام للجانبين مختلفاً.

17 أبريل 2013م

اشتريت هدايا لأطفال العائلة. ليست المرّة الأولى لكنني هذه المرة أخذت وقتي للتفكير في هدية مناسبة لكل طفل، وكانت النتائج مذهلة.

9 مايو 2013م

اخترت كتاب للقراءة خلال الشهر. هذه المرّة سأقرأ الكتاب بصوت مرتفع لوالدي، بقية العائلة في سفر خارج المنزل ونقضي وقت طويل سوية، هذا الكتاب أصبح رفيقي في رحلات السيارة، ومع قهوة المساء، وكلما كان ذلك متاحاً.

اعترف بأنني ومع الانشغال ونسيان الكتابة أحياناً، أصبحت أكتب التغييرات بلا تواريخ، من التغييرات التي أجريتها أخرجت جهاز الكمبيوتر المكتبي من غرفتي، غيّرت حبوب الإفطار التي أتناولها عادة إلى تلك الغنية بالألياف والمكسرات. في مطعمي المفضل الذي أزوره كلّ مرة غيرت أطباقي التي اختارها من اللحم البقري إلى المأكولات البحرية. جربت شراء قطع ملابس بقصات وألوان لم ارتديها من قبل وكانت النتيجة مبهجة. أكتب رسائل أسبوعية لصديقاتي وقريباتي البعيدات أحفزهم فيها لفعل تغييرات مشابهة، وأخبرهم كم أحبهم واشتاق إليهم كلما شعرت بأنني أريد قول ذلك. أصبحت أنصت أكثر لوالدي ولا أجادله كثيراً – أنا أكثر شخص يجادل والدي في المنزل- واكتشفت بأنه أحيانا يتكلم لمجرد تنفيس الضغوط والقلق ولا يبحث عن علاج أو حلول من قبلي. أيضاً في الشهر الماضي قررت تغيير أثاث غرفتي ولون جدرانها وخلال ذلك قمت بجردتي العظيمة التي تحدثت عنها في تدوينه سابقة.


وبما أننا نتحدث عن سلسلة التغييرات المفيدة، كنت قد مررت بمدونة أجنبية قامت صاحبتها بتطبيق فكرة مذهلة ساعدتها على قراءة أكداس الكتب التي تريد البدء بقراءتها لكنّها وبسبب التردد تتركها كلها الفكرة ببساطة تتلخص في وضع أسماء الكتب التي لديكم وترغبون بقراءتها على قصاصات ورق وجمعها في مرطبان –أو علبة- ومن ثمّ اختيار اسم الكتاب كل أسبوع أو كلّ شهر بحسب سرعتكم في القراءة. السرّ في الالتزام بهذا الخيار، عندما تسحبون اسم الكتاب يجب عليكم حينها قراءته ومن ثمّ الانتقال للتالي وهكذا. بالأمس جمعت أسماء الكتب الإلكترونية التي تراكمت خلال الشهور الماضية في القارئ الإلكتروني، بالإضافة لبعض العناوين الورقية التي أؤجل الوصول لها منذ زمن. استخدمت في القصاصات لون واحد من الورق، بينما كانت المدونة صاحبة الفكرة استخدمت عدة ألوان لكل نوع من الكتب، روايات، سير، قصص، الخ .. لكنّ ذلك بالنسبة لي يقلل عنصر المفاجأة في القراءة.

14 تعليقا على “كتاب التغيير، وأشياء أخرى.”

  1. تدوينتان في أسبوع واحد؟ هذه بهجة مضاعفة. ماشاء الله عليكِ أتمنّى لكِ المزيد من هذا.
    الفكرة الأخيرة مذهلة خاصّة لكوني مثلكِ أواجه حيرةً في الإختيار وكثيرًا ما تتضارب رغباتي في القراءة مع مزاجي وهكذا يضيع المزيد من الوقت في البحث عن كتاب في ظلّ تكدس العناوين أظنّ أن هذا سيكون حلًا مساعدًا جدًا خاصّة في الصيف.
    هل مرّت عليكِ أيام لم تكتبي فيها في دفتر التغيير شيئًا هيفا؟ حدث هذا معي وعن مفكّرتي الّتي تحمل فكرة شبيهةً لفكرتك الّتي بدأتها مع بداية 2013 وتوقفت كثيرًا، مشكلتني مع الشعور بالتقصير ثم قرار ترك الأمر برّمته، كيف تعودين ببساطة بعد هذه المطبّات؟

    بالمناسبة هل مررتِ بمشكلة النفس القصير؟ ما إن تبدأين مشروعًا حتى تشعرين أن اهتمامكِ به أقل أو أنّه يتناقص، أتمنّى أن تكتبي عن تدوينة في هذا الموضوع في حال مررتِ به. مساءك مُبهج كالذي تمنحينني إياه حين تكتبين هيفا.
    🙂

    1. أهلاً رحاب، وفيه مفاجأة بالطريق يمكن تصير التدوينات يوميه، الله أعلم : )
      تمر ايام كثيرة، لأن الفكرة من التغيير هو إدخال عادات جديدة أو قطع عادات قديمة، احيانا تمر الايام بلا جديد، وفي الحقيقة لم أكن أجبر نفسي على تغيير يومي، التغييرات في أغلبها عفوية كما شاهدتي وهكذا سأستمر. اعتقد أن المشاريع التي لم اكملها أو كانت بنفس قصير هي تلك التي اجبرت نفسي على المضي بها ولم اترك مجال للعفوية. وهذا تغيير جديد لا مزيد من الالتزامات طويلة المدى ما لم تكن هناك فسحة للراحة !

  2. من التغييرات الي احدثت فرق بشخصيتي هو اني اكتب قائمة بنعم ربي علي . وتعلمت اتعامل مع الحزن والذكريات السيئة . الحمدلله صرت اسعد
    هيفاء انتي انسانه جميلة مبهجة احببت كلماتك ولامست شغاف قلبي يسر الله لك رسالتك . دعواتي الصادقة لك

    1. الله يسلمك ويخليك يا أسماء، فكرة رائعة وإن كنّا نغفل عنها، أحبّ تذكر نعم الله علي قبل النوم كلّ ليلة، اضع رأسي ثقيلاً على الوسادة وتشغلني االافكار والهواجس وما إن أشعر بأنني سأنزلق لمشاعر سيئة أفعل ذلك واتوقف فوراً.
      الحمد لله

  3. – صباح الخير أستاذة هيفا ،
    صباح ممتلئ بالبهجة لكونه ابتدأ بقراءة تدوينة انتظرتها منكِ 🙂
    الفكرة مدهشة! واتضحت لدّي أكثر منذ أن طرحتِ أمثلة للتغييرات التي سجلتِها ، جمالها يكمن فعلًا في بساطتها. اكتشفت أيضًا أن في كل أسبوع تقريبًا أقوم بتغيير يستحق الإحتفال لكنني لم أأبه لذلك دون أن أشعر! الفكرة أيضًا تبعث شعور تعزيز الذات وهذا مُفتقد لدى البعض. أحضر أخي إلى المنزل قطه ومنذ أن دخلت هي وأنا أكره البيت فعلًا وأتمنى أن تُخلع هذه القطه منه بأي وسيلة! لكِ أن تتصوري الرعب الذي أعيشه وأصبح لدينا خياران ، إما أن تُحبس القطه أو أمكث وحيدة في غرفتي. الآن ومع هذه الفكرة أول من تذكرت هي! علي الآن تحويل العلاقة من فوبيا ورعب لمُلاطفة-من بعيد-على الأقل!
    شكرًا أستاذة هيفا ، الإهتمام بالتفاصيل الدقيقة يزيح رتابة الحياة ويبعث على المُتعة.

    – نلتقي في تدوينةٍ أخرى، ودمتِ 🙂

    1. أهلا حصه،
      القطط لطيفة جداً وتأملها والعيش معها شيء يغير الحياة! لا أستطيع وصف التغييرات التي صنعتها القطة “إل” في بيتنا جرّبي وستسعدين بإذن الله : )

  4. ضحكت على تدوينة الخامس من ابريل,
    فعلاً أنا أفضل الجانب الأيمن ويأخذ نصيبا وافرا من
    حمامات الزيت والسيشوار والتسريح وغيرها
    لذا يبدو بالنهاية كما لو كان لدي نوعين مختلفين من الشعر.

    لقاءاتك بالغرباء, رسائلك للأصدقاء البعيدين
    فكرة قراءة الكتب المكدسة كل ذلك يحمل زوايا ملهمة بالنسبة لِي

    إنها التدوينة الأولى التي تضحكني بصوت عالٍ لكنها
    ليست أول تدوينة رائعة وملهُمِة لكِ, فقد تابعت حديثكِ عن
    دفتر التغيير في حساب الانستجرام وقلت لك أنني أريد تجربته
    لكنني للأسف غصت في مشاغل الحياة ولم أفعل, وحتى الآن لا أزال أعد نفسي بالمحاولة في عمل دفتري الخاص أنا أيضاً

  5. يا جمالك!

    التغييرات رغم بساطتها إلا إنها تلعب دور في تغيير المزاج العام/ قتل الروتين/ زيادة الخبرات
    و يكفينا شرف المحاولة الأولى.. صعبة ننكر جمال المحاولة الأولى لكل شي رغم الخوف و التردد للتجربة 🙂

  6. رغم جربت تسجيل التغييرات التى ارغب بالحصول عليها فى بعض نواحى حياتى ، ولكنى فضلت اسلوب صديقة غربية تواظب على تغير سلوك او عادة ما فى خلال 3 اسابيع حيث تركز عليها بعد تسجيلها فى دفتر ، تعرفى وجدتها فكرة ناجحة الى درجة كبيرة ، بالنسبة للقراءة المتأخرة قمت بوضع كل مجموعة كتب بحسب الدول أى كرست الشهر الماضى لروايات الالمانية ، وقبلها للقراءة الكتب حول ايران وهذا وجدت الامور تاخذ شكل منتظم

    1. أهلا
      فكرة صديقتك رائعة فهي تعتمد على قاعدة “21 يوم” وهي التي تستخدم عادة في كسر عادة، ويستخدمها الباحثون عن ترك الادمان أو التخلص من أي عادة، وهناك كتب وأدلّة مليئة بالنصائح بهذا الخصوص.
      بالنسبة للقراءة، حاولت من قبل تجربة القراءة من بلد واحد أو تحت موضوع واحد ولم انجح بالاستمرار، عادة اصطدم بكتاب سيء ويفرط القائمة كلها.

  7. تجربة الحليب البارد ممتعة كانت ، لي أنا أيضا .. مدهش كم هي كمية النكهات التي تنتظرنا ..

    أما حماية 5 أبريل فسأجربها ان شاءالله حتى لا نبخس أحدا ما دمنا تعلمنا منك طريقة جديدة..

    شكرا لحروفك 🙂

  8. تجربتك رائعة وتدويناتك دائما ما تدخل البهجة والسرور الى قلبي خصوصا هذه الفترة والتدوينات متقاربة الفترة ❤
    انا حاليا افكر ببدء تدوين يوميات عن ” ماذا تعلمت اليوم ” لآنه في الغالب ما تمر بنا احداث يوميه بعضها تترك اثرا ولها قيم ، محاولة مني بالتمعن اكثر في معاني الحياة والحكم اللي تكون حولنا كل يوم ولا نلقي لها بالا 🙂

    هلّا شاركتِنا بعناوين الكتب ؟! و رابط تلك المدونة الاجنبية ؟! :$

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.