عفشك .. هويّتك !

التقطت هذه الصورة قبل عدة أيام، ما إن فعلت ذلك حتى استعدت من ذاكرتي قصيرة المدى مشهداً في مسلسل كوميدي أتابعه، صديقه تتحدث مع صديقتها عن برنامج رائع على التلفزيون، فكرة البرنامج أن يأتي المشاركون بحقائبهم المعنويةويتحدثون عنها من الأكبر للأصغر، ما الذي يحمله المسافر – عبر الحياة – ويشكل ثقلاً على كاهله ؟ الفكرة الرائعة لمعت في ذهني، وقاومت التدوين على الرغم من أنني وفي بعدي عن المنزل اتيحت لي فرصة استخدام الحاسب الشخصي لقريبتي. القصة ليست هنا تحديداً، القصة أنني تخيلت نفسي في صالة انتظار لا نهائية في مطار رحلات الحياة، وحولي حقائبي عفشيالمعنويّ، مضحك المنظر، تذكرت تأملاتي للمسافرين بينما يعبرون أمامي بالعربات وحقائبهم كومة فوضى، ويزيد عليها صناديق مغلفة كيفما أتفق، صناديق أغذية، أكياس صغيرة متناثرة، هذه الفوضى التي تزعجني في المسافرين، وخصوصاً عندما يركبون الطائرة ويبدؤون بضغط امتعتهم بقوة لحشرها في الصناديق العلوية. هذه الامتعة – الفوضى العارمة – هي بالتحديد حقائب حياتي التي أحملها، فكرت فيها وعددتها حتى تعبت من العدّ، لا أشعر بالفخر أبداً، وزاد تركيزي على هذه النقطة بعد أن سألت أختي عن حقائبها التي تحملها وفاجأتني بأنها اثنتين، واحدة ضخمة تكلفها رسوم الامتعة الزائدة كل مرّة، وأخرى خفيفة تحملها في يدها، يا ليت كنت كذلك ! المثير للاهتمام أنّ عفشي الافتراضي عندما عرّضته للنقد والبحث وركزت جهدي في تأمله، وجدت أنّ بعضه حقائب صغيرة ما إن تفتحها ستجد أوراق بيضاء صغيرة وفارغة، لا شيء مهمّ ! لماذا هذه المساحة ولماذا كاهلي المُثقل ؟ بالأمس وبينما صحبني والدي للمنزل من المطار كان يفكر بصوت مرتفع، ويروي لوالدتي خططه المستقبلية – المرتبطة بي – وكلما سمعت نبرة الحماس في حديثه كلما تحسست أكبر الحقائب التي احملها الآن، آماله هو، تطلعاته هو، والسيناريو الذي يعيش وينتظر أن يحققه من خلالي، تخيفني طريقتي في تصنع الحماس أحيانا، برغم معرفتي بحجم المطب الذي أمرّ من فوقه. حقائبي الأخرى وفوضاها لم تتراكم إلا بسبب كسلي أنا، هناك أيضا الأمتعة التي يتركها الآخرون ويرحلون، ما جعلني أعلن قبل عدة أيام أيضاً الرجاء من المسافرين الانتباه لحقائبهم، قفلنا مكتب المفقودات “.

طبعاً ، لم استطع مقاومة البحث أكثر في موضوع الامتعة هذه، ووجدت تدوينة باللغة الانجليزية سأحاول باختصار نقل بعض محتوياتها عن الموضوع. في الجزء الأول منها تتحدث عن تنوع مصادر الامتعة التي نحملها وفي المجمل تحصرها في ثلاثة مصادر : ١معتقداتنا حول أنفسنا والآخرين والعالم ، ٢مشاعر وقيم نحتفظ بها لأنفسنا بسبب خوفنا من التعبير عنها ، ٣المهارات التي طورناها واتقناها لتساعدنا في العيش مع الآخرين وتحقيق أهدافنا .

ثمّ تقترح علينا إعادة تنظيم هذه الأمتعة عن طريق طرح بعض الاسئلة على أنفسنا: ماذا نحمل معنا؟ منذ متى نحملها؟ هل قمنا بتوظيبها بأنفسنا أم وظبها آخرون؟ هل ما زالت هذه الأمتعة تؤدي الغرض الذي نحملها من أجله؟ ويمضي المقال لوصف شكل الحقائب الخارجي الذي يشي بأهميتها ونوعية محتواها. ثمّ في الجزء الثاني تفصّل الكاتبة المحتوى وتتناول المعتقدات والأفكار التي نحملها وبعض الأمثلة عليها، والمشاعر وعبئها الخاصّ . في الجزء الثالث تطرح فكرة رائعة وحقيقية تتلخص في استخدام العربات المدولبة، لحمل كلّ هذه الأمتعة والعربة مجازاًقد يُقصد بها الإدمانات أو أي شيء نهرب إليه للتخلص من كل هذه الأعباء.

والآن بعد هذا العرض أعلاه، ومحاولة تقريب الفكرة، أتمنى أن تحدثوني عن عفشكم الخاصّ

6 تعليقات على “عفشك .. هويّتك !”

  1. “العفش” الخاص برحّال مثلي ، يتخفف من دنياه بما يستطيع هو إجمالاً ذكريات وآمال لا أكثر ولا أقل ، وأحب أن يبقى جزءاً من ملامحي وهويّتي ، مع البعض الجميل جداً أو الخاص جداً الذي يبقى مدفوناً في حقيبتي يدي.

    جميل يا هيفا جميل
    <3

  2. دائما ما تخيلته صندوق خشبي صغير أُعطي لي في طفولتي . جزء منه ممتلئ بـ ” أشياء ” حصلت عليها بمجرد الولادة … للوجود في هذا المكان المحدد من الحياة . وجزء آخر فارغ ألقي فيه “بعض ” ما أجده في هذا الطريق المسمى عُمر . ومثل حفرة بلا قاع يبدو هذا الجزء غير قابل للإمتلاء مهما القيت فيه ، الشيء الوحيد الذي يحدث أن الصندوق يزداد ثقلا . المشكلة أنه كلما ازداد ثقلا كلما فقدت ” عرباتي المدولبة ” القدرة على حمله واحتجت للبحث عن عربة مدولبة جديدة … وهذه هي المعضلة .

    وفي النهاية لا أملك إلا أن اردد مع البدر ( الحـمـل ما هـو اللي تـشـيـله كـتوفي .. الـمـوت لا صارت كـتوفي..هي الحـمل )

    1. لا شيء جميل في حمل الاثقال، لكن لا اعلم لماذا حدست إن الصندوق الخشبي أكثر ترتيباً ووضوحاً من مجموعة حقائب، وأكياس، وفوضى عارمة !
      واقتباسك للبدر لخّص الفكرة من التدوينة أعلاه كاملة .

  3. مساء الغاردينيا
    دائماً في حياتنا حقائب وصناديق ومحطات إنتظار وتذاكر عبور
    بعضها نفرغها في أول محظة آمان وبعضها نحملها عمراً ولا تستوقفنا محطة لقاء ”
    ؛؛
    ؛
    رائعة وأكثر
    سعدت جداً بوصولي لركنك الراقي
    ؛؛
    ؛
    لروحك عبق الغاردينيا
    كانت هنا
    reemaas

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.