عن الصداقات العابرة للأجيال

على الطاولة الجانبية لسريري بقايا زهور خزامى مجفّفة وجدتها هذا الصباح خلال ترتيب الصباح واستقبال الأسبوع الجديد. كانت هذه الزهور ما تبقى من زينة الشعر التي وضعتها في حفلة ميلاد صديقة نهاية الأسبوع الماضي. عبرت صديقتي بوابة الثلاثين بحماس وحبور. إذا استعدت صورة تلك الليلة الرئيسية أتذكر رفقة صديقتي الملونة بالأعمار. سيدات وفتيات تتراوح أعمارهم بين بداية العشرينات والأربعينات. الصورة كانت نظرة على حياة هذه الصديقة الاجتماعية واختياراتها للصديقات ونظرة على حياتي الشخصية كذلك. خلال الست سنوات الماضية ومنذ انتقالي لمدينة الرياض عرفت بشكل دقيق معنى أن تحيط نفسك بأصدقاء من كل الأعمار، أن تكوّن «صداقات عابرة للأجيال» إذا صحّ التعبير. ربما بدأ الأمر بدافع الحاجة أو الفضول أو كليهما. لدي اليوم صديقات من كلّ الأعمار وندور في مساحات واحدة وتجمعنا نفس الاهتمامات إلا أن لكل عقد جمالياته وسماته التي أتذكرها عبر مواليده. الطريف في الأمر أن الموضوع تكرر على ذهني قبل حفلة صديقتي هذه وفي أكثر من سياق. قبل أسبوع تقريبا التقيت بصديقة تجمعني بها معرفة افتراضية للإفطار وسألتها خلال حديثنا عن سنة ميلادها لاكتشف أنني أكبرها بعشرة أعوام. هل كنت سأتنبه لهذا الفرق لو لم نناقش مواضيع مرتبطة بفترة زمنية عشتها أو عاشتها؟ أفلام الكرتون التي كانت تشاهدها مثلا، أو الأماكن التي قضت فيها أوقات اللعب. وبعد هذا الإفطار والحفلة التي حضرتها قرأت مقالة نُشرت في أبريل الماضي عن أهمية الصداقات بين الأجيال والأعمار المختلفة.

تلخص المقالة في محاورها الرئيسية الأفكار التالية:

  • منافع رفقة كل فئة وأهميتها لنمونا النفسي والاجتماعي. وتشير لدراسة أمريكية درست شريحة من الأفراد لتجد أن ما لا يقل عن ثلث الأمريكيين يرتبطون بأصدقاء أكبر أو أصغر منهم بـ ١٥ سنة.
  • مع التغيرات في المجتمع وانتقال الأفراد بين المدن والمناطق للعمل أو الدراسة تمتد العائلة وتتسع رقعة وجودها على البلاد ويصبح الأفراد في مناطقهم الجديدة مرتبطين بأشخاص من أجيال مختلفة (شخصيا هذه الفكرة ذكرتني بتعرفنا على من يكبروننا بسنوات عديدة لملء شعور الارتباط مع كيان أبوي أو أمومي أو حتى علاقة مشابهة بعلاقتنا مع الأجداد والجدات)
  • الصداقات بين الأجيال تكسر الصور النمطية وتقربنا ممن يصغرنا أو يكبرنا وصناعة فرص لكلا الطرفين للنمو ورؤية الحياة من منظور مختلف.
  • التخفف من المقارنات. الصورة هنا أعمّ وأشمل ولا تقف عند حدّ الانغماس في المقارنة المتعبة. صداقة شخص أكبر منا مثلا يعطي نظرة مستقبلية عندما أمرّ بوقت صعب: هذا الشخص تجاوز مصاعب حياته ويعيش ويزدهر ولا يقف عند عثرة واحدة وأنا استحق منح نفسي هذه التجربة.
  • صداقة الأكبر سنًّا تضعنا بالقرب من أشخاص تغيرت قائمة الأولويات في حياتهم. بدلا من الركض المستمر لتحقيق المكاسب المادية والنجاح والشهرة يركزون أكثر على الرضا والهدوء والاستقرار.
  • صداقة الأفراد الأصغر سنا ومنحهم الدعم والنصح يشعرنا بمعنى وجودنا.
  • صداقة من هم أصغر منا يدفعنا لتجربة ما هو خارج اعتيادنا.

المقالة تؤكد على فكرة مهمة: ألا نبقى منغلقين على الخيارات الافتراضية لصداقات مقاعد الدراسة. يمكننا دائمًا الانضمام لمجموعة عمرية مختلفة لاكتشاف صورة جديدة عن الحياة وعن أنفسنا. أحبّ سماع قصصكم الخاصة في الصداقات العابرة للأجيال، شاركوني في التعليقات.

.

.

الصورة من Unsplash

6 تعليقات على “عن الصداقات العابرة للأجيال”

  1. كلام جميل هيفاء!

    صداقة الأكبر منا تمهد لنا الطريق
    صداقة الأصغر منا نرى الحياة من خلالها بمنظور رائع

    سلمتِ

  2. اعتقد أن الفارق الأكبر هو أربع سنوات بيني وبين بعض صديقاتي سواء من العائلة أو خارجها …للأمانه شعور جميل أن أبث فيهم الطمأنينة بحكم أني مررت بما يمرون به حاليا خاصة في مرحلة الجامعة ..لكن الأجمل عندما أرى كمية الوعي وفهم الحياة لديهم …كلما ظننت أني أكبر من عمري وبدأت أفهم الحياة ولو قليلا أجد أنه من أصغر مني يفوتني بأشواط …محاولاتهم واجتهادهم وحلاوة عمرهم( أصغر من العشرين ~بداية العشرين) عندما أتحدث معهم.. دائما أسترجع مواقف وذكريات كنت قد نسيتها ….أما بالنسبة للأكبر فهو بين سنتين الى ثلاث سنوات لربما المنفعه الوحيدة في الوقت الحالي بحكم أن الفرق ليس كبير هو استعدادي لمرحلة مابعد الجامعة وبانها ليست حياة وردية ومشكلة التوظيف والبطالة لعلي بدأت استعد نفسيا للأمر لكنه بالطبع ليس كالتجربة… من الممتع دائما أن تكون لك علاقات اجتماعية مع مختلف الأعمار (الأكبر منا لطمأنتنا ومساعدتنا على فهم الحياة أفضل ..والأصغر منا لطمأنتهم وفهم الجيل الأصغر والقدرة على مساعدتهم والاندماج معهم بسهولة ).
    اعتقد أن الحياة الوظيفية هي التي ستوفر لنا هذا الكم من العلاقات باختلاف الأعمار والأفكار ..انتظر بفارغ الصبر هذه المرحله 🤍

  3. من صغري افضل العلاقات الاكبر مني لان احس الي اصغر مني او الي بعمري مايناسبوني بتفكيرهم وتصرفاتهم ف من سنتين تقريباً وانا حاليا عمري ٢٣ جربت صداقات الي اكبر واصغر مني ولكن بذكر لك الصداقة الفعلية والي تاثيرها قوي وكانت بمعنى الصداقه فعلا هالصديقة كانت اكبر مني ب١٤ سنة ، جاني من الي حولي كثييييررررر انتقادات طبعا بتفكير متخلف مثل تعليق -اش جابكم لبعض – -كيف صرتو قريبين لبعض – ابعدي عنها م تدرين هي شتبي – … فالبداية تاثرت مره بتعليقاتهم لانها كانت من اشخاص قريبه مني حسيت بضغط وتاثرت علاقتنا مره بس انا الان تخطييييت هالشي لان شفت اثره الجميل ف نفسي فكرت بعمق مع نفسي بدون تاثير او ضغط من احد لقيت ان لا محد عارف كيف احنا مع بعض وكيف هي فادتني بكثير اشياء ولاول مره انا قدرت اتناقش مع احد يشابه تفكيري ياخذ ويعطي معي بالطريقه الي احبها يعني مثل هالشخص انا كنت ادور عليه كنت لما اتناقش م يفهمون م يعطوني ع قد تفكيري ووعي والاغلب الي بس انتظرك تسكت عشان اتكلم … بس هي كانت مختلفه جدددداااا اختلاف جميل عن كل صداقة مريت فيها.
    ساعدتني كثير بوعيها ونظرتها بكثير امور ،كنت اعتقد مثل البعض انو العمر مجرد رقم ، ولكن تغير هالاعتقاد، صرت اشوف انو كل عمر وله وعيي مختلف متقدم ممكن العمر م يحكم تجارب مواقف صفات واختلافات ولكن اعتقد ان الوعي و العمر علاقتهم طردية كل مازاد العمر زاد الوعي، طبعاً باستثناء حالات (لكل قاعدةٍ شواذ)
    ف لما تصادق شخص يكبرك او يصغرك بالسن هنا بتكسب منظور مختلف ووعي مختلف بتستمتع وبتستفيد من ناحية النقاشات من ناحية الرأي ، انت بتفيده وهو بيفدك باشياء مختلفه .

    شكرا لك لطلب واتاحة مشاركة تجربتي الشخصية لان يبدو لي اني تكلمت عنه براحة وضعت كل مافي جعبتي 😂

  4. بالنسبة لي هيفاء أغلب صداقاتي لناس أكبر مني سواء من الأقارب، الحياة الجامعية وحتى الحياة العملية ولكن لدي صديقات المدرسة اللي بنفس عمري، ميزة الصديقات الأكبر سنًا بإنني أخذ منهم نوع من الحكمة عن ردات أفعالهم لما كانوا بنفس موقفي بيومٍ ما، وهذا نوعًا ما يشعرني بالأمان بإنني مو لحالي مريت بهذا الموقف، أما الصديقات اللي بنفس العمر الحلو إن كل منا عندها حلمها وطموحها وكيف تسعى لتحقيقه فباختصار: من الصديقات الأكبر سنًا أستقي الحكمة والصديقات اللي بنفس عمري أستقي العزم!

  5. جميلة جدا رؤيتك لهذا الجانب من الصداقات
    أذكر أنه كان من غير المحبب مجتمعياً صداقة من هم أكبر منا.. كانت نظرة الأهل لا تفضي برضا

    لكن صدقتي لكل عمر شيء يميزه
    عندي صديقات أكبر مني ب سنوات
    و لدي أيضا من يصغرني ب عشر سنوات

    لكل رونقه

  6. شكرا على التدوينة الدافئة
    انا عن نفسي أفضل دائما أن أمتلك أصدقاء أكبر مني عمرا، و أجد الأمر جميل، و لكني حاولت مؤخرا ان أجعل لي أصدقاء في نفس عمري و أقل مني، و وجدت ذلك جيد جدا ، لأنك ترين أشخاص في مراحل مررت بها، و أشخاص في مراحل تمرين بها، و أشخاص في مراحل ستمرين بها.
    تنوع الصداقات مهم و هو أمر جيد، يساعدنا على إدراك المراحل التي مررنا و نمر و سنمر بها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.