كيف تبدأ بالتعلّم الذاتي؟

نقصد بالتعلّم الذاتي تنمية مهاراتك وتطوير معرفتك دون الحاجة للانتظام والحضور للدراسة في مؤسسة تعليمية تقليدية. أنت من يضع أهدافك وخططك والوقت المناسب لك. وقد يكون هناك مساعدة خارجية وتوجيهات من مختصين يشرفون على تعلمك ضمن مؤسسات تعليمية غير تقليدية.

أين يمكنك التعلم ذاتيا؟

  • القراءة
  • المحاضرات المرئية والمسموعة
  • مواقع المقررات الإلكترونية
  • التعلم مع الأقران
  • التعلم مع مختصين (معلمين أو مرشدين)
  • التعلم بالتجربة

ما هي منافع التعلم الذاتي؟

  • يساعدك في تطوير مهارات حلّ المشكلات.
  • التعلم الذاتي خالي من الضغوط -إلى حد ما- ليس هناك مواعيد تسليم صارمة، أو واجبات واختبارات نهائية.
  • يكسبك مهارات متنوعة تناسب مسارك المهني.
  • ينبع التعلم الذاتي من رغبتك الداخلية في التعلم، لذلك يدعم شعورك بالإنجاز والوصول للأهداف والرضا.
  • يتيح لك طريقة اختيار التعلم المناسبة لك (كتب، فيديو، دروس مع مدربين، أو محاضرات عبر الانترنت).
  • تعلم ضبط الوقت وترتيب الأولويات.

قواعد عامة للتعلم الذاتي

  • ليكن لديك تركيز واضح على ما ترغب في تعلّمه. العالم مليء بالمعارف والمهارات ولكن المهمّ هو تحديد ما تريده وفرزه والتركيز عليه.
  • دع فضولك يقودك.
  • تعلّم باستمرار وهذه ميزة التعلم الذاتي «الحرّ». اتبع طاقتك وأوقات فراغك واملأها بما تحبّ.
  • اقرأ كثيرًا.
  • اسأل المختصين والمجربين عن مسارهم في تعلم مهارة معينة.
  • تمتع بعقلية المتعلم في كلّ الأوقات: تواضع، انتبه، وجرّب.
متابعة قراءة كيف تبدأ بالتعلّم الذاتي؟

كيف نتعامل مع الأسئلة الفضولية؟

هل وجدتم أنفسكم ذات مرّة أمام سؤال -أو أسئلة- محرجة لا ترغبون في إجابتها؟

أمرّ بهذه التجربة منذ سنوات وتعلّمت تدريجيًا كيفية التعامل معها بشكل أفضل سواء كانت الأسئلة في دائرتي الاجتماعية الضيقة أو في مكان العمل أو مع الغرباء. لكن قبل التفصيل في طريقة التعامل مع الأسئلة هناك التساؤل الذي يزورني دائمًا لماذا يسأل الآخرون هذه الأسئلة؟ ومع الوقت وجدت عدة تصنيفات للأشخاص وقد يكونون أحد هؤلاء:

  • هناك من يسيء تقدير مستوى الحميمية والقرب بينكم وبينه ويعتقد أن طرح مثل هذه الأسئلة متاح ومقبول بينكم.
  • هناك من يحبّ مشاركة كلّ تفاصيل حياته بلا تصفية أو تحديد ولا يجدون حرجًا في ذلك ويتوقعون بأنكم تشاركونهم هذه الأريحية. وأجدهم يطرحون هذه الأسئلة بحسن نيّة ولا يقصدون تطفلًا.
  • يشعرون أن طرح الأسئلة الفضولية والاستفسار عن كلّ ما يخصكم هي الطريقة المثالية للتواصل معكم وإظهار الاهتمام بكم. وقد تجدون في المقابل أنهم يتوقعون منكم نفس الشيء، أي عندما تمتنعون عن الأسئلة الفضولية حول حياتهم الخاصة سيكون ذلك مؤشر لعدم اهتمامكم.
  • الحالة الأخيرة والتي أفضل عدم اللجوء للتفكير بها إلا بعد الاستيضاح والسؤال: أن الشخص متطفل سيء الخلق ولا يمكننا إيجاد أي عذر له.

عندما تُطرح علينا الأسئلة المحرجة نتجمد ولا نستطيع الردّ أو نشعر بالخجل والانزعاج وكل هذه المشاعر تؤثر على تجاوبنا بصورة سريعة وهادئة. وقد نجد أنفسنا نبوح بأمر لا نودّ مشاركته مع أي شخص في العالم فكيف مع شخص لا تجمعنا به علاقة وثيقة، أو نجيب إجابة مقتضبة وغريبة وغير منطقية مثل «لا أدري» وهذا سيظهرنا بمظهر مرتبك. لهذا السبب وجدت أن التحقق أولا من السائل والاستفسار أكثر يوضح الهدف ويساعدني في إكمال المحادثة بحسن نيّة والمحافظة على هدوئي. في هذه الحالة أقول: هذا سؤال مثير للاهتمام، لماذا تسأل؟ أو لماذا يشكل هذا السؤال أهمية لك؟ أو ما الذي يهمّك معرفته عن هذا الموضوع؟ هذه الأسئلة مناسبة إذا كنت أفكر في إكمال المحادثة لأنها تشجع السائل على توضيح هدفه من السؤال، أما إذا كنت لا أرغب بالإجابة تمامًا انتقل لطريقة أخرى. حينها أتعامل مع الأسئلة بشكل قاطع واضح ولطيف وحتى لو شئت استخدام «لا أريد الإجابة» أفعلها فقد أصبحت أسهل مع سنوات من المحاولة والتجربة والشجاعة!

هناك مجموعة من الإجابات اللطيفة التي يمكنكم اعتمادها:

  • أنا آسفة هذا موضوع خاصّ أو شخصي جدًا.
  • يصعب علي مناقشة الموضوع في الوقت الحالي.
  • الوقت غير مناسب لهذا الحديث (إذا كنتم مع مجموعة من الأشخاص ولا مجال للحديث في موضوع شخصي)
  • الموضوع غير مريح بالنسبة لي.

وفي أحيانٍ أخرى وعلى حسب السائل أقلب الموضوع لمزحة أو نكتة سريعة وإذا حصل إلحاح أتصرف بطريقة مختلفة. ما أفعله دائما هو أنني أؤجل استخدام الصرامة والحزم قدر الإمكان وأمنح الآخرين فرصة لتوضيح مقصدهم. لكن إذا تكرر الأمر في أكثر من مناسبة أغيّر من نبرتي دون تردّد لأقول شيء مثل: هذه المواضيع لا أشاركها إلا مع أشخاص محددين ومقربين مني. أو أرجو منكم احترام حدودي الشخصية، عذرًا لكن لا أفضل مناقشة تفاصيل حياتي بهذا الشكل وغيرها من الردود الحاسمة.

أعلم أن الموضوع مربك ونجد أنفسنا فيه كثيرًا لكن ينبغي علينا في الوقت الذي ندافع فيه عن خصوصيتنا الانتباه لنبرة صوتنا ولغة حديثنا وأجسادنا. يمكننا تقديم الردّ الحاسم ونحن نبتسم وننظر في عينيّ محدثنا وننقل له مشاعرنا بلطف وحبّ.  ولدت فكرة هذه التدوينة من سؤال وصلني يوم الجمعة على انستقرام، وكانت الإجابة المختصرة محرضة لمزيد من التفاصيل هنا.

وأنتم حدّثوني عن تجاربكم في الموضوع؟

.

.

الصورة من Unsplash

دوّن تاريخك الشخصي

قدمت خلال الشهر الماضي ورشة قصيرة عن تدوين اليوميات، والتي كانت بذرتها تدوينة أخرى كتبتها هنا في ديسمبر الماضي. ضمن الورشة قدمت مجموعة من الأفكار والنصائح التي وجدت أنها ستكون مناسبة للمشاركة هنا.

ماذا نقصد بتدوين اليوميات؟

نقصد بها بشكل عام كتابة أو تدوين سجلّ شخصي للأحداث اليومية والتجارب والتأملات والمحافظة على هذه العادة بشكل منتظم. وقد تكون هذه السجلات المكتوبة أكثر من تدوين وحسب، فهي تاريخ شخصي وقد تصبح مستقبلا وسيلة للتعرف على فترات زمنية ونمط الحياة المرتبط بالوقت الذي كتبت فيه. مذكرة يومياتك هي مكان يوفر الدعم والإلهام ويمكّنك من جمع كل الأشياء التي تحبها ويسمح لخيالك بالتحليق في مساحة خاصة وآمنة ١٠٠٪.

ما الذي يجعل تدوين اليوميات مهما لهذه الدرجة؟

  • تساعدك في تحليل مشاعرك ومراقبتها وزيادة الوعي الذاتي إجمالا.
  • تساعدك في تحديد الأولويات وتنظيم حياتك.
  • تساعدك في الاكتشاف وخوض التجارب.
  • التمتع بذهن أكثر صفاء.
  • الهدوء والسلام وصحة نفسية أفضل.
  • العمل بجدّ على أهدافك.
  • إطلاق شرارة الإبداع بشكل يومي.
  • زيادة الإنتاجية.
  • الامتنان والتقدير لكل تفاصيل حياتك.
  • تعزيز ثقتك بنفسك.

قبل البدء فكّر في الأسئلة التالية:

  • لماذا ترغب في تدوين يومياتك؟
  • ما الذي تود تحقيقه من هذا التدوين؟
  • ما الذي ترغب في إنجازه بمساعدة التدوين؟
  • هل ترغب في تطوير حياتك؟ وإدارة نفسك بشكل أفضل؟ ترغب في حفظ ذكرياتك؟ مراجعة قرارتك؟

في حصة التعبير -قبل سنوات طويلة- طلبت منا المعلمة تجربة تدوين اليوميات كتمرين كتابي لمدة أسبوع. بعد الانتهاء من التجربة والعودة للحصة في الأسبوع التالي اكتشفت حقائق ممتعة حول الموضوع. وكان أهمها: لم نتفق كلنا على طريقة تدوين واحدة. وكانت المرة الأولى التي تنبهت فيها إلى مدى التنوع في طريقة تسجيل اليوميات. بنفس هذه الطريقة الهادئة وبنفس هذا الفضول والحماس ستبدأ بتدوين يومياتك. وقد يكون الموضوع صعبا في البداية خصوصا إذا كنت شخص لا يحب الكتابة، أو التأمل، أو مراجعة أحداث يوم فائت.

كيف تبدأ بتدوين اليوميات إذا لم تكن كاتب أو تحبّ الكتابة؟

  • اختر أداة التدوين المفضلة لديك للبدء (دفتر وقلم – ملاحظات الجوال – الكاميرا – التسجيل الصوتي)
  • اختر موضوع يومي للكتابة عنه. وإذا لم تجد موضوع ابدأ بتدوين بمقابل ساعاته. متى تستيقظ؟ ماذا أكلت؟ متى خرجت للعمل؟ ماذا أنجزت؟ من قابلت؟ والأسئلة. ستكون التفاصيل غامرة ومتنوعة لكنك بعد ستصبح قادرا على تحديد ما الذي يهمك فعلا من هذه الأيام.
  • أعط نفسك نافذة محددة من الوقت (من ٥-٣٠ دقيقة) وحافظ على هذا الوقت للكتابة والتدوين.
  • لا تدقق كثيرًا في كتابك من حيث القواعد اللغوية والإملاء.
  • يمكنك الاستعانة بمحفزات الكتابة مثل الأسئلة التالية:
  • بماذا أفكر الآن؟
  • كيف اتصرف بشكل أفضل؟
  • إلى ماذا أمتن هذا اليوم؟
  • ما هي الأشياء التي أقدرها؟
  • ماذا فعلت اليوم؟ أين ذهبت؟ من قابلت؟
  • ما هي السلوكيات التي أرغب بتعزيزها وتلك التي أودّ التخلص منها؟

قواعد تدوين اليوميات

لا يوجد طبعًا!

الفكرة من تدوين اليوميات إيجاد مساحة آمنة للتخفف من الأفكار والمشاعر بلا تقييد أو مراقبة حتى وإن كانت شخصية. وليس لأحد أن يقرر الطريقة التي تدون بها يومياتك.

التدوين لاكتشاف الذات والصحة النفسية

  • مساعدتك في اكتشاف مهاراتك التي تتقنها.
  • محاربة مخاوفك تبدأ بالتعرف عليها.
  • معرفة ما يزعجك في علاقاتك الحالية وكيف يمكنك التصالح والتعايش معه أو تغييره.
  • إعادة النظر في المواقف ودراسة التعامل معها بشكل مختلف.
  • تدوين القوائم بالأشياء التي تحبها، أو تكرهها.
  • الكتابة عن شكل يومك المثالي وكيف يصبح واقعا.
  • الكتابة عن شكل حياتك الناجحة (Future-self journaling).
  • التعرف على نقاط القوة والضعف في شخصيتك.
  • المشاكل التي تؤرقك وترغب في حلّها.
  • تقليل الشعور بالفوضى والإزعاج.

التدوين للتطوير المهني

  • تدوين أفكارك المميزة حتى لا تفقدها.
  • الدروس والمهارات الجديدة.
  • المهام المتكررة والتخطيط لتنفيذها.
  • ملاحظات تقييمك من المدراء والزملاء.
  • النصائح التي تتلقاها من مرشديك في العمل والتي قد تختصر وقتك وتسرّع من اندماجك في الفريق.
  • تفاصيل الاجتماعات (لا تعتمد على الأطراف الأخرى لتسجيل هذه التفاصيل).
  • تحدث عما يزعجك في العمل بسرية (اكتبها لنفسك فقط).
  • تخيل المستقبل، وضع خارطة لتقدمك في العمل.
  • تعامل مع مشاريعك وكأنها قصص بدروس مستفادة. عندما تنجز المهام، اكتب عنها، تأملها، كيف كانت لتكون أفضل؟
  • التدوين في العمل يساعدك في وقت التقييم السنوي لتتبع منجزاتك والدفاع عنها.

نماذج متنوعة لتدوين اليوميات

صفحات الصباح Morning Pages

قدمت الكاتبة جوليا كاميرون هذا المصطلح في كتابها The Artist’s Way كوسيلة للسماح لأفكارك بالتدفق على الورق. ويفضل أن يحدث ذلك في الصباح. فقط أكتب بلا تقييد لثلاث صفحات يوميًا. هذه الصفحات هي أفكارك الصافية. اتركها هكذا أو عد إليها لاحقًا لاكتشافها من جديد.

مذكرة الأحلام Dream Journal

من اسمها يتضح عملها. هناك أشخاص يفضلون تدوين أحلامهم (التي تحدث أثناء نومهم) أو تلك التي يتخيلونها ويرغبون في تحقيقها. عادة يكون تدوين الأحلام بعدة جمل، أو كلمات مفتاحية كي لا تنسى.

مذكرة الامتنان Gratitude Journal

مذكرة مخصصة للامتنان اليومي، تكتب فيها ما أنت ممتن له.  الأشياء والأشخاص والحياة ككل بتفاصيلها الصغيرة والكبيرة.

مذكرة الصحة النفسية Mental Health Journal

كتابة اليوميات للصحة النفسية طريقة فعالة لتتبع حالتك وصفاء عقلك وروحك. إذا كنت تعاني من القلق مثلا ستجد الفائدة من تدوين الإجابات على أسئلة دورية: لماذا أشعر بالقلق؟ هل يمكنني تفسير هذا الشيء؟ هل يمكنني الحصول على مساعدة؟ وهكذا. تفكيك الصعوبات بالكتابة عنها يشبه جلسة استشارة مع نفسك فقط.

المذكرات الموجهة Guided Journal

المذكرة الموجهة هي مذكرة لتدوين اليوميات ويكون فيها توجيهات واسئلة وتمارين تساعدك على التعمق في مشاعرك وأفكارك وأهدافك. وهذا النوع من المذكرات مناسب لمن يرغب في البدء بالتدوين لكنّه يجد صعوبة في الوصول إلى مواضيع للكتابة.

أتمنى أن تكون هذه التدوينة نافذتكم الأولى لاكتشاف تدوين اليوميات Journaling أو تحسين تجربتكم إذا سبق وبدأتم بها. شاركوني وقرّاء المدونة أفكاركم الشخصية وتجاربكم في التعليقات

.

.

.

يناير كان

رأيت في الحلم ليلة البارحة أني أفتش في رفوف المطبخ عن شوكولاتة Lion Bar ووجدت الكثير من اللفافات الفارغة والجديدة. بدأت يومي وأنا أفكر في الشوكولاتة وسبب ظهورها في حلمي. وهذه معلومة لا أدري إذا شاركتها معكم من قبل أو لا: أحبّ التفكير في أحلامي وتحليلها وأذهب لأبعد من ذلك وأسأل غوغل عنها كلّ صباح.

يناير كان شهر طيب بمقياس الحياة الحالية. كان فيه عمل كثير ومرح، وفرح، ورحلة قصيرة لجدة جمعتني بالأصحاب والموج والغروب. شحنت نفسي واستمتعت بقليل من العزلة بعيدًا عن المنزل الصاخب. تقول لي مرشدتي: تقفزين قفزات غزال طويلة وخفيفة! والسبب في هذا الوصف أنها لاحظت التغيرات التي مررت بها خلال السنة التي قضيناها سوية. أتممت مهامّ ممتعة وصعبة في نفس الوقت، قرأت عدة كتب أوصت بها لاكتشف موضوع جديد أو فكرة ناقشناها واحتاج لتفكيكها أكثر. أحبّ العمل الذاتي هذا، وسعيدة أنني في الوقت المناسب من الحياة قررت الالتفات لنفسي وعلاجها. خلال السنة الماضية مررت بعدة مواقف شديدة ما كنت لأتجاوزها بخفّة ووعي لولا أن مددت يدي لطلب المساعدة. لدي الكثير لقوله عن هذه الرحلة لكنني انتظر لحظة مناسبة ومكان أفضل للحديث عنها. بالعودة للأمس وأحلامي الغريبة اشتريت لوح الشوكولاتة المنشود وكنت أفكّر في روعة تحقيق الحلم بهذه السرعة! تخيلت إن الأحلام التي نراها تتحقق بسهولة زيارة السوبرماركت، وذهبت أبعد لأفكر: ربما كانت المشكلة أننا لا نفكك هذه الأحلام لأجزاء أصغر وأكثر قابلية للتحقيق. عدت للائحة طويلة من الأحلام وبدأت بتفكيكها إلى أصغر مكوناتها، وصولا إلى النية. وربما يجب ألا أقول إن النية مكوّن صغير فأثر البدء بالنية في النفس والحياة حولنا كبير لو تأملناه.

أعددت بالأمس شوربة الطماطم وسندويتشات الجبنة المشوية وجلست مع اخوتي للعشاء، هذه اللحظات التي نسرقها من أيام مجنونة لا نعرف رأسها من قدميها. خلال يناير قدمت الورشة الأولى (من الـ١٢ المخطط لها في هذا العام بإذن الله)، وبعد أسبوعين تقريبا أقدم ورشة فبراير. الشهر الأول كان عن تدوين اليوميات وهو وقت مناسب للبدء بهذا المشروع. سأنشر خلال الأيام القادمة نسخة ملخصة من الورشة صالحة للقراءة. أما شهر فبراير الحالي سيكون عن التدوين، البدء بالتدوين تحديدا من خلال ورشة مدتها أربع ساعات مناسبة لمن يرغبون ببدء التدوين من الصفر. كيف تبدأ مدونتك من الفكرة والاستراتيجية وصولًا لاختيار المنصة الرقمية المناسبة. يمكنكم التسجيل في الورشة من خلال المتجر الإلكتروني على هذا الرابط.

خلال الأشهر الماضية اعتمدت وحدة قياس للأيام والوقت، هذه الوحدة تركز على اللحظات التي اجتزت فيها حاجز خوف وهمي وضعته لنفسي، أو قفزة بعيدة عن منطقة الراحة. وما أكثرها من حسن حظي! قررت قبل أسبوعين العودة للتمرين في نادٍ رياضي خارج المنزل، وكان القرار صعب لكنّه ضروري لأنني بحاجة لأجهزة إضافية ومساحات وغرفتي ومساحة التمرين لا توفرها. اخترت فكرة ذكية بالاشتراك بعدد الزيارات وليس بالاشتراكات الكاملة المكلفة خصوصا وأن علامات الحجر تلوح في الأفق. كان تخمين صحيح فبعد إتمام عملية الاشتراك بأسبوع أُعلن عن إيقاف الحضور للأندية الرياضية لعشرة أيام -قابلة للتمديد. في اليوم الأول لحضوري قالت لي موظفة الاستقبال أنها سعيدة باشتراكي وترغب في إرشادي لغرفة أخذ القياسات وكتلة الجسم وما إلى ذلك. ابتسمت ورددت بلطف: لا أريد ذلك. تفاجأت وضحكت وقالت: تخافين من النتيجة؟ وأكدت لها: أنا أرى النتائج بوضوح في المرآة ولا أرغب في الوزن أو قياس الكتلة والعضلات والماء. وحاولت محاولة أخيرة معي بقول: لن تدفعي شيئًا مقابل الخدمة فهي من ضمن اشتراكك، وأجبت بحزم محاولة ألا أفقد ابتسامتي: لا شكرًا، ممتنة لتوضيحك كافة تفاصيل الاشتراك لكن لا احتاج أخذ وزني الآن أو بعد ستة أسابيع أو سنة.

 لم أرد أخذ المزيد من وقتها لشرح قصتي عندما تخلصت من الميزان تمامًا وتخلصت معه من مشاعر التوتر ومراقبة صعود وهبوط الأرقام. أصبحت علاقتي بجسدي أهدأ، ضاقت الملابس؟ انتبهي هذا يعني بأنك زدت من الأكل وقللت الحركة ولنعد الآن لوضعية الإصلاح. يكفي أن ارتدي ملابسي في الصباح، أو ألحظ اضطرابا في لياقتي لاعتمد إحدى طرق العلاج المجربة. الاسراف في الأكل والاسراف في الجلوس تتناقض وفكرة الأكل الحدسي والحركة اليومية وهذه الأفكار هي التي حققت أفضل النتائج في حياتي. قرأت في يناير أيضا بشهية مفتوحة ومتعة، قرأت “مستر غوين” لأليساندرو باريكو. الرواية التي يقرر بطلها التوقف عن الكتابة والتوجه للبورتريه ولكن بمفهومه الخاصّ. كانت رواية ذكية وممتعة وبرأيي أي تفاصيل إضافية عنها ستحرقها. وما إن انتهيت من روايته هذه مددت يدي لرواية أخرى له وهي “حرير” التي يعمل بطلها في مهنة مدهشة: تجارة دود القز وتهريبه من أقصى الأرض. أحببت الشاعرية والغموض والمساحات التي يتركها الكاتب لخيالي. ومن المؤكد أنني سأبحث عن بقية مؤلفاته خلال الفترة القادمة.

كيف كان يناير لكم؟ ما هي الاكتشافات الشخصية التي قادكم إليها؟ كتب قرأتموها؟ مشاهدات؟ أحب قراءة تعليقاتكم كلها -مع أن الوقت لا يسمح لي دائمًا بالرد عليها لكنها تسعدني وتلهمني جدًا.

.

.

.

وداعًا عدوي اللدود

في الجلسة السابقة مع مرشدتي طلبت منّي أن أكسر ميزاني!

نعم قالتها بهدوء وحزم: أريد منك أن تكسري ميزانك وأن تتوقفي عن وزن نفسك للأبد. الأمر أشبه بفجيعة. شخصيًا ومنذ عمر مبكر جدًا وما إن تنبهت بأنني مختلفة، وأنّ الميزان وحده سيحدد عودتي لقائمة البشر الاعتياديين. الرقم على الميزان يُكتب في يومياتي قبل التاريخ أحيانًا. الرقم على الميزان يحدد ما إذا كنت سأحظى بيوم سعيد، أو غائم. الرقم على الميزان يحدد احتفالي بنهاية العام، أو يوم ميلادي كل سنة. الرقم على الميزان يشبه صاعق صغير حول عنقي، كلما تأرجح صاعدًا تمكن منّي الإحباط. والآن تأتي مرشدتي وتقترح كسره. تذكرت احتفالي باقتناء ميزان رقمي دقيق بعد ميزان ايكيا الرخيص الذي احتفظت به لسنوات، تذكرت كل أجهزة الميزان الرائعة/الرادعة في فنادق إجازاتي. والآن تقول لي توقفي عن هذا. كيف سأعرف ما حققته من نجاح؟ أو عندما أترك لنفسي حرية الكسل والاحتفال بالأكل لأيام متتالية. تناقشنا قليلًا ويبدو أنها نجحت في إقناعي.

الميزان ضروري مثلا لتحديد ما إذا كان الملاكم في فئة معينة، هل أنت ذبابة؟ ديك؟ ريشة؟ خفيف؟ ثقيل؟

الميزان ضروري لتحديد ما إذا كان الرضّع والأطفال يكبرون بوزن صحي مناسب لأعمارهم.

الميزان ضروري لضبط وصفات الطهي وكميات المقادير.

الميزان ضروري لشراء الخضروات والأجبان واللحوم، كيف سنقيّم سعرها إذا؟

لكنّ وزن نفسي يوميًا لم يأتِ بخير دائمًا، حتى عندما اشتريت مقاسًا أصغر، حتى عندما لاحظ الجميع بأنني خسرت وزنًا. لا لا أصدق هذا فالميزان يقول عكس ذلك. احتجت أن ابحث أكثر، وأفهم ما سبب التأرجح، السوائل؟ العضلات؟ المزاج؟ كثافة الدمّ؟ لقد حاولت كثيرًا التخلص من الميزان لكن الخطة لم تنجح. أذكر عندما قمت بتجربة نظام Whole 30 –هنا تدوينة عنه– امتنعت تمامًا عن الوزن لمدة شهر. كان التحدي عظيم لكنّ مطورة البرنامج أشارت لهذه النقطة بالتحديد. تقول لي مرشدتي توقفي عن وزن نفسك، والآن أتممت أسبوعين بلا وزن. أشعر بأنني أخفّ معنويًا، وأجمل، وهذا ينعكس على علاقتي بالمرآة وخزانتي. أخرجت يوم الجمعة الماضي قميص من الكتان اقتنيته قبل ثلاثة أعوام ولم يكن مقاسه جيد على الاطلاق! أذكر عندما ارتديته للمرة الأولى وكنت أشبه شخصية فكاهية وأي حركة ستطلق الأزرار في كل اتجاه. ارتديت القميص من جديد، وكان رائع كأنه فُصّل للتو من أجلي، احتفيت بنفسي ولم أقاوم أخذ دورة كاملة أمام المرآة للتحقق منه.

هل كسرت الميزان؟ لا، ليس ملكي وحدي. لكنني أخرجته من مساحتي والآن هو مشكلة شخص آخر في المنزل.

Photo via Shorpy

.

.

.