كيف تبني منهجك الإبداعي؟

قدّمت خلال الأسبوع الماضي ورشة قصيرة لفريق العمل في استديو مشبك. تناولت الورشة موضوع بناء المنهج الإبداعي أو Creative Process، استمتعت بالحديث والبحث عن الموضوع واستعدت خطوات وتجارب كثيرة مررت بها خلال السنوات الماضية.

أشارك في المدونة المحتوى الذي قدّمته وأتمنى أن تساعدكم المعلومات التالية في:

  • رسم منهجكم الإبداعي الخاصّ.
  • تقليل التحديات التي تواجهكم في مهامكم اليومية.
  • اختصار الوقت الكلي في تأدية المهام وتوجيه طاقتكم للتعلم والتواصل بشكل أفضل.
  • والخروج بمنتجات مهنيّة متقنة ومتميزة.

ماذا نقصد بالمنهج الإبداعي؟

المنهج الإبداعي أو العملية الإبداعية يقصد بها طريقة توليد أفكار جديدة وأصيلة، والربط بين الأفكار وإنتاج المنتجات أو المشاريع بناءً على تلك الأفكار.

ما هي فوائد بناء المنهج الإبداعي؟

يساعد في حل المشكلات.

يمكن أن يمنحك الإبداع طرق جديدة ومبتكرة للتعامل مع المواقف الصعبة والتحديات.

 يسمح لك بتطوير ثقتك بنفسك.

تتيح لك العملية الإبداعية الشعور بالتواضع والتعلم من الصعوبات وبالتالي تعزيز احترامك لذاتك. إن الصعوبات والتجربة والخطأ التي نمرّ بها جزء من بناء الأفكار والمشاريع التي تطور قدرتك الإبداعية.

يساهم في تقليل التوتر.

من خلال التجربة والتفكير والعصف الذهني نمرّ بمرحلة تجريبية ممتعة ومرحة في كثير من الأحيان. وعملية إنتاج فكرة أصيلة وجيدة يحقق شعور بالإنجاز وبالتالي خفض مستويات التوتر ورفع جودة الحياة والعمل بشكل عام.

يعزز الثقة بالحدس.

عندما تبدع تكتسب الثقة تدريجيًا بأفكارك ومشاعرك وحدسك بشكل خاصّ. وحتى لو كانت محاولات الإبداع هذه لا تأتي بنتيجة ناجحة أو مذهلة، ما زال بإمكانك الشعور بالتقدير لهذه المهارات التي اكتسبتها.

يحسن الوعي الذاتي والتعبير.

تساهم العملية الإبداعية في إيصالنا إلى أفكار ومشاعر ومعتقدات أعمق ومن خلالها نتفهم أنفسنا ونثق بها ونقدرها. العملية الإبداعية أيضا تعني تكريس الوقت والطاقة لتطوير الأفكار وبالتالي تتطور طرق التعبير لدينا وتصبح أكثر مرونة ووضوح.

يسمح بالمخاطرة.

يسمح لنا الإبداع بتجربة أشياء جديدة ويمنحنا فرصة التفاعل مع العالم ومن حولنا بلا خجل وتردد.

ما هي خطوات بناء المنهج الإبداعي؟

وضع عالم النفس البريطاني غراهام والاس في عشرينيات القرن الماضي نظرية للعملية الإبداعية مبنية على خبرة طويلة من دراسة وتفكيك العملية الإبداعية لدى شريحة متنوعة من الأفراد والتخصصات.

تشمل هذه العملية المراحل التالية:

التحضير

تبدأ بالإعداد وجمع المعلومات والمواد، وتحديد مصادر الإلهام، واكتساب المعرفة الأولية حول المشروع أو المشكلة المطروحة. هذه العملية تكون غالبا داخلية: تفكير، عصف ذهني، والتفاعل مع المعطيات. ومن ثم تتحول لعملية خارجية: جمع بيانات، موارد، وخبرات لازمة.

الحضانة

بعد جمع المعلومات والمصادر يبدأ تحضير الفكرة بهدوء وبطء (أو بحسب ما يسمح به وقت المشروع) ويبدأ بناء الروابط بين هذه المصادر. تسمح هذه الفترة الهادئة نسبيًا للعقل بالتفكير العميق والراحة لابتكار أفكار جديدة.

لحظة الاستنارة / الاكتشاف

بعد حضانة الأفكار تنشأ أفكار ورؤى تنتقل من عمق العقل إلى الإدراك. هنا لحظة إلهام قوية (درامية أحيانا) تأتي الفكرة ونحن منشغلون بشيء آخر لا علاقة له بها. وهنا أيضا يولد الحلّ.

التحققّ

بعد لحظة الاكتشاف المدهشة تبدأ بتدوين ما وجدته، ويتم التنفيذ الفعلي للخطة. هذه المرحلة هي مرحلة التجسيد والتطوير وصقل المنتج وإيصاله للآخرين.

كيف تحقق النجاح في خطتك وتتجنب المشاكل؟

اطرح الأسئلة بحكمة.

تحتاج إلى أسئلة وأهداف واضحة عن بدء العمل على كلّ مشروع أو فكرة إبداعية. ما هو الهدف النهائي؟ من الجمهور المستهدف؟ ما هي المدة اللازمة للعمل؟ ما هو حجم الفريق الذي سيعمل على المشروع؟ هذه الأسئلة كلما كانت واضحة ومباشرة ستساعدك في العمل وفريقك كذلك.

ركز على فكرة واحدة كل مرة.

يمكن أن نؤثر على قدرتنا الإبداعية عندما نحاول العمل على كلّ شيء في الوقت نفسه. تساعد الحدود التي نضعها في مجال العمل على أي مشروع على تحديد المسار وبالتالي لا نصل إلى طريق مسدود بسبب الاستطراد والتنزه الإضافي!

جهز السكة قبل تحرك القطار.

بمجرد أن تبدأ مراحل العمل سيتحرك كل شيء بسرعة وسيكون إصلاح الأخطاء أو تعديل التصورات في وقت لاحق أصعب. بأخذ وقت مختصر ومركز للجلوس مع أصحاب المصلحة والفريق وحتى مع نفسك يمكن تحديد كل الأدوار والتوقعات. في هذه المرحلة أيضا ستكتشف أي تحديات أو ممانعة أو صعوبات تعترض الطريق.

.

.

أتمنى أن هذه النظرة السريعة مفيدة لكم ويمكنكم الرجوع للمصادر التالية للمزيد:
How to Structure Your Creative Process to Make Creativity Flow Easily

Best Practices for Building an Effective Creative Process

Understanding the four stages of the creative process

11 Tips For Developing Your Own Creative Process

.

.

.

خفّف السرعة منعًا للإنزلاق

نعيش أيّام مطيرة مدهشة منذ عدة أشهر، هذا الطقس بذكّرني بسنوات طفولتي الأولى والعطلات الشتوية في الرياض ونجد بشكل عام. مزيج الأجواء المنعشة وشهر رمضان المبارك دفعني بشدّة للهدوء والتأمل الطويل. هكذا هي الحياة عدة أشهر من الركض والفوضى، ومن ثم استعادة التوازن والتوقف قليلًا والانطلاق من جديد.

أحبّ اللوحات الاعلانية والتحذيرية كذلك، تذكّرني بأشياء غفلت عنها. ومع الجوّ المطير تكررت رسالة في طريقي كلّ مرة يهطل المطر: خفّف السرعة منعًا للانزلاق! وأنا بدوري أشعر أن الرسائل تخبرني بأمر خفيّ لا يرتبط بالجوّ أو الحياة من حولي. رسالة أخرى تكررت تصدر من جهاز التحكم في السيارة وصوت سيدة يقول:

 Red light and speed camera ahead. Reduce your speed

أمامك إشارة حمراء وكاميرا مراقبة السرعة. خففّ سرعتك.

يا إلهي! على مدى ثلاثة أشهر تقريبًا وهذه الرسائل تظهر كل عدة أيام واتجاهلها. ربما لأنني أودّ الاستمرار في انطلاقي؟ وحرق المراحل والخطوات لأصل إلى نتيجة ما، أو لا أصل.

من جديد، أنا في مكان اندفعت إليه بكامل قوتي وحماسي وتأهبي لكن النتائج لا تبدو طيبة، ما من نتيجة حقيقية إذا كنت صريحة مع نفسي. ألجأ الآن لذكائي وحدسي وبعض الرسائل على الطريق لأتوقف واتراجع عن المسار الذي بدأته مدفوعة بفضولي بداية العام.

ربما لا يفهم من التأمل أعلاه أيّ شيء فالقصة كلها في رأسي، ولكنها فكرة جيّدة لتمرير هذا الشعور إليكم. ما الذي تركضون باتجاهه لمدة الآن بلا جدوى؟ ما هو السيناريو الذي وضعتموه لمشروع أو مهمّة ولم يتحرك في أي اتجاه؟ هذه أسئلة لتأملكم الخاصّ.

الخبر الجيّد أنني تعلمت دروس كثيرة ممزوجة بالصبر والتوقع الطيب. والخبر السيء أن هذا المكان معلوم بالنسبة لي وشاهدته كثيرًا خلال السنوات القليلة الماضية.

كيف تمضي أيامي؟

رمضان هذا هادئ جدًا – قلتها سابقا- العمل فيه من المنزل وطاقتي موجهة بالكامل لصحتي وتغيراتها المتسارعة وحياتي الاجتماعية وملفاتي المؤجلة. قبل عدة أشهر وخلال زيارة لإجراء تحاليل وفحوصات اعتيادية اكتشفت عرض صحي بالصدفة! العلاجات تقوم بعملها والحمد لله. وربما كانت لحظة مهمّة أو نداء يقظة احتجته لانتبه لنفسي.

اقرأ كثيرًا واتعلّم من فيديوهات يوتوب واكتشف جوانب جديدة للحياة. استعد للعودة للعمل بعد الإجازة القصيرة، ورحلة منتظرة مع قريباتي. اشتقت لتقديم ورش العمل سواء الحضورية أو عبر الانترنت وأفكر في تفعيل ساعات استشارية حول الكتابة وصناعة المحتوى بشكل عام.

شاهدت فيديو طويل مدته ساعتين تقريبًا وكأن غشاوة أزيلت عن بصري! الآن فهمت لماذا تفشل محاولاتي في تضمين عادات معينة في يومي. ببساطة الوقت غير مناسب! يناقش الدكتور اندرو هوبرمان أستاذ علم الأعصاب وطب العيون في جامعة ستانفورد في حلقة من بودكاسته فكرة تقسيم اليوم لمراحل عدّة وكل مرحلة تناسب مجموعة من العادات.

اختصر لكم هذه التفاصيل في التالي:

لنتمكن من تعديل عاداتنا يجب في البدء امتلاك الطاقة للتغلب على الانزعاج والتسويف أو الصعوبات المرتبطة بها. سيكون الوضع أسهل إذا استفدت من الإيقاع الطبيعي للعقل والجسم خلال اليوم. ولذلك يقسم هوبرمان اليوم إلى ثلاثة مراحل باعتماد نظام ٢٤ ساعة.

المرحلة الأولى

ترتبط هذه المرحلة بأول ٨ ساعات من الاستيقاظ. يكون عقلك وجسمك في أعلى نشاطهما بسبب ارتفاع مستويات الدوبامين والأدرينالين والكورتيزول. من السهل في هذه المرحلة التغلب على الانزعاج والتسويف

في هذه المرحلة اختر من ١-٤ عادات تتطلب طاقة عالية وتركيز وذلك بحسب جدولك الزمني وساعات عملك. يمكن أن تكون مخصصة للقراءة المركزة أو الدراسة أو ممارسة الرياضة. جرّب إضافة وتعديل العادات خلال فترة معينة لتقييم مدى تجاوبك.

المرحلة الثانية

تقع بين الساعة ٩-١٥ من الاستيقاظ. هنا ينخفض الأدرينالين ويبدأ السيروتونين بالارتفاع تدريجيًا وبشكل طبيعي. هذه المرحلة مخصصة للعادات التي لا تتطلب الكثير من الجهد أو المقاومة. وقت ممتاز في اليوم للاستكشاف الإبداعي مثل الكتابة، والمسودات الأولية للمشاريع، اللعب والتجريب. والأنشطة البدنية التي تتطلب جهد منخفض مثل اليوغا والتنفس. هذه المرحلة الأكثر مرونة في اليوم. تجربة وصفة جديدة للعشاء أو اللقاء بالأصدقاء والعائلة.  تجنب استهلاك الكافيين في هذه المرحلة سيمنع اضطراب النوم في المرحلة التالية.

المرحلة الثالثة

تقع بين الساعة ١٦-٢٤ من الاستيقاظ. هنا نعيد ضبط يومنا من خلال الراحة والنوم. وفيها يستحبّ:

  • تجنب الأضواء الساطعة وخاصة أضواء الأجهزة الإلكترونية.
  • النوم في غرفة باردة ومظلمة.  
  • التوقف عن الأكل قبل النوم بساعتين.
  • تناول مكمل المغنيسيوم لتحسين جودة النوم.

وباختصار، يؤكد هوبرمان أن جزء كبير من عملية تكوين العادات يرتبط بكونك في حالة ذهنية صحيحة مع القدرة على التحكم في جسدك وعقلك.

يقترح هوبرمان تجربة نموذج لتكوين العادات مدته ٢١ يوم. نختار خلاله ٦ عادات نود تبنيها ونربطها بكلّ مرحلة من مراحل اليوم. يُتوقع ألا نتمكن من تحقيقها كلّها بحيث ينقضي اليوم بفعل ٤ إلى ٥ منها، والبقية في أيام أخرى من الأسبوع وهكذا. إذا لم أتمكن من تنفيذها لا أفرض على نفسي عقاب أو مكافأة. وبعد انتهاء مدة ٢١ يوم أعود لاكتشاف هذه العادات: ما الذي أصبح منها تلقائيًا؟ وما الذي يحتاج إلى تشجيع وتأييد. لا أضيف أي عادات جديدة حتى أتمكن من الستة الأولية وهكذا.

تبدو الفكرة ممتعة وسأبدأ بالتجربة الفعلية بعد انتهاء عطلة العيد بإذن الله.

.

.

Collage by David Van

.

.

.

الجردة السنوية أو مراجعة نهاية العام

بدأت فكرة هذه التدوينة من منشور على تويتر. شارك الكاتب ديكي بوش دليلًا مختصرًا ليمكننا من مراجعة السنة واكتشاف دروسها وتقييمها من جميع النواحي. وفي اللحظة التي قرأت تفاصيل الدليل قررت ترجمته باختصار ومشاركته في مدونتي قبل نهاية العام. سيكون تمرينًا ممتعًا لي ولكم، وكما يقترح الكاتب الذي أعدْ الدليل يمكننا تحويل إجابات هذه المراجعة إلى محتوى نشاركه مع الآخرين إذا أحببنا.

هذه التدوينة ليست حصرية لنهاية العام الميلادي، يمكن الاستفادة منها بشكل مستمر لمراجعة ربع السنة، ومنتصفها ولتحفيزنا لطرق جديدة لتدوين يومياتنا ومتابعة تقدمنا في الحياة.

وجد بوش كل نهاية سنة مدفوعًا للتفكير وطرح الأسئلة حول الأمور التالية:

  • الأشياء التي قام بها بشكل جيد (المكاسب والإنجازات).
  • الأشياء التي لم يقم بها أو تعثر في إنجازها (الأخطاء والصعوبات).
  • الأحداث الهامة واللحظات التي لا تنسى خلال العام والتي بدورها شكّلت شخصيته.
  • الدروس والمستهدفات التي يود وضعها في مقدمة قائمته للعام المقبل.
  • تحليل 80/20 (ما الذي حقق أفضل النتائج وما الذي تسبب بتعثره؟).
  • ما يريد أخذه إلى العام القادم وما سيتركه وراءه.

يقترح بوش اتباع الخطوات التالية لكنّه أيضًا يشجعنا لاتباع طرق مختلفة كاستبعاد بعض الخطوات، أو استخدامها كإلهام لبناء خطة عمل العام القادم. وأضيف على ذلك: قد تكون هذه المراجعة ممتعة كفعالية جماعية مع الأهل والأصدقاء.

وأضاف كتقديم للدليل هذه الأفكار السريعة:

  • ليس المقصود إتمام المراجعة في جلسة واحدة. ويمكن العمل على كل خطوة لعدة ساعات حتى تحصل على الاهتمام الكامل.
  • يمكنك الدمج بين الخطوات أو الاستعانة بتفاصيلها لبناء نسخ إضافية من المراجعة لتغطي جوانب غير مذكورة هنا.
  • تذكّر أنكم في مهمة لجعل العام المقبل نسخة أفضل من العام الحالي.
متابعة قراءة الجردة السنوية أو مراجعة نهاية العام

كيف تصبح مسوّف ذكي؟

قبل عدة سنوات وبينما كنت أعمل في وظيفة بشركة إبداعية؛ وجدت نفسي في لحظات كثيرة غارقة في المهام ولا أعلم من أين أبدأ. كنت أذهب لمديرتي في مكتبها لتبدأ بكتابة مهامي وتفكيكها واستبعاد غير العاجل أو المهم منها. كنت مذهولة من طريقتها في الترتيب وكيف تختصر ١٢ مهمة خلال دقائق إلى ٥ أو ٦! كانت تقترح تفويض مهمة لأفراد الفريق، أو تأجيلها بعد التفاهم مع العميل أو الغائها تمامًا. عرفت تفاصيل هذه التقنية لاحقًا بالممارسة والقراءة والتعلم الذاتي. قرأت عن تنظيم الوقت وإدارة المهام واستمعت وشاهدت وكتبت، لكنني مررت بتدوينة ممتعة حول الموضوع وقررت نقلها للعربية ومشاركتها بتصرف في المدونة.

لنتخيل السيناريو التالي:

  • لديك قائمة مهام طويلة دون تحديد أولوية.
  • تشعر باليأس وترغب في التوقف عن عمل كلّ شيء.
  • تبدأ العمل على مهام معينة وتقفز بينها دون إكمال.

إذا كانت السمات السابقة تنطبق عليك أنصحك بمتابعة القراءة والتفكير في طريقة مختلفة لمعالجة المهام المتراكمة. تركز الكاتبة على فكرة رئيسية في ترتيب قائمة المهام وهي: توضيح ما يجب استبعاده لا ما يجب فعله. أي أن تسوّف أو تؤجل بذكاء!

متابعة قراءة كيف تصبح مسوّف ذكي؟

١٠ استراتيجيات لتصبح قارئًا أفضل

كنت لوقت طويل مصابة بحساسية تجاه الأدلة الإرشادية للقراءة. كيف تقرأ؟ متى تقرأ؟ ماذا تقرأ؟ والأهم من هذا كله فكرة طقوس القراءة. ربما لأنني اعتدت القراءة لأسباب كثيرة من بينها: التعلم، والترفيه، والاكتشاف، والسلوى. ولم أقبل بوضع أيّ من هذه التوجهات في إطار محدد وخطوات معينة.

لكنني مؤخرًا مررت بمقالة للكاتب ريان هوليداي الذي وجدت في متابعته واكتشاف كتبه متعة عظيمة! وجدت فيه أيضا شخص عبقري في تصوير الأفكار وتنظيمها بالكتابة. هذه المقدمة التي بدأت بها لأشارككم ١٠ استراتيجيات اقترحها هوليداي لنصبح قراء (وأشخاص) أفضل. لم تكن مثل الطقوس المقترحة التي أنفر منها أو المقترحات المستحيلة التي تقيدني بسلسلة كتب أو مؤلفين. هذه الاستراتيجيات (أو الأفكار) ستجعل من القراءة رفيقتكم في كلّ وقت، وإذا كان لديكم أيّ شك في أثر القراءة على الحياة، ربما هذه فرصة جديدة للتحقق بأنفسكم.

بلا إطالة، هذا ملخص استراتيجيات ريان هوليداي التي ترجمتها عن الإنجليزية.

١-توقف عن قراءة الكتب التي لا تستمتع بها

يشارك هوليداي هذه الفكرة الهامة ويذكرنا بأننا نتوقف عن تناول الطعام الذي لا يعجبنا، ونتوقف عن مشاهدة برنامج تلفزيوني إذا كان ممل، وفي نفس السياق نلغي متابعة الأشخاص الذين لا يقدمون ما يفيدنا. لماذا نفعل ذلك مع الكتب التي لا تعجبنا؟

ويذهب أيضا لمشاركة قاعدة مثيرة للاهتمام تقول: اطرح عمرك من ١٠٠ لتحصل على عدد الصفحات التي يمكنك قراءتها وإذا لم تأسرك، انتقل إلى كتابٍ آخر.  الطريف في الأمر أن تقدمنا في العمر يعني أننا سنستبعد الكثير من الكتب التي لا تنجح بكسب اهتمامنا بعد عدد صفحات أقل.

٢-اقرأ كجاسوس

أول مرة أتعرف على هذا التعبير! لكن قصد هوليداي من إضافته أن نتعمد القراءة وننغمس في تفكير واستراتيجيات الذين نختلف معهم. حيث إن فرص التعلم متاحة ويمكننا من خلال هذا التوجه تعزيز دفاعاتنا تجاه من يخالفنا الرأي.

٣-احتفظ بكنّاشة

أو كشكول، أو دفتر ملاحظات، أو كتاب اقتباسات! سمّه ما شئت لكنه سيكون مكانك المفضل سواء كنت ترغب في العودة لما قرأته وتعلمته أو لتحسين كتابتك ودعمها بالمراجع والصور والمقتطفات الأدبية. يرى هوليداي أن الاحتفاظ بكناشة جعلته كاتبًا أفضل وشخصًا أكثر حكمة.

بالنسبة لي، احتفظ بدفتر مشابه منذ سنوات وكلما ملأت أحدها أرشفته وبدأت آخر. أسميه «دفتر كلّ شيء» وهو كذلك. لا يشبه مذكراتي اليومية أو مذكرة مهامّ العمل لأنها تحمل طابع محدد وواضح: يومياتي، أحداث موسمية، مهام عمل متكررة، وملاحظات اجتماعات.

دفتر كلّ شيء يحتوي على اقتباسات، وأسماء أماكن وأشخاص، أفكار ومقترحات من متابعين لتدوينات أو حلقات بودكاست، وأحيانًا مشاعر مرتبطة بنصوص أو مشاهدات. أودّ تصنيف وترتيب هذه الكناشات بشكل أفضل مستقبلا فهي الآن بحر من الكلمات والعبارات المتقاطعة.

٤-أعد قراءة الكلاسيكيات

قرأنا الكثير من الكلاسيكيات في عمر مبكر، سواء بشكل مباشر أو ملخصات لها، أو رواها لنا شخص يكبرنا، وفي حالتي شاهدت كثير من الاقتباسات لأعمال عظيمة على شكل فيلم رسوم متحركة أو مسلسل تلفزيوني. السؤال المهمّ الذي يطرحه هوليداي: هل تذكرها بشكل جيد؟ هل قراءتك لها آنذاك مثل اليوم؟

لا يمكننا الاعتماد على تلك التجربة، أو قراءة هذه الأعمال العظيمة مرة واحدة. لأن العالم يتغير بشكل مستمر ونحن نتغير ورؤيتنا لتلك الأعمال كذلك. يقترح هوليداي عليك قراءة الكلاسيكيات في كلّ مرحلة من عمرك. ويستشهد بقول هيراقليطس: «إنّك لا تعبر النهر مرتين». ولهذا السبب ينبغي أن نعود مرارًا وتكرارًا إلى الكتب العظيمة.

٥-اقرأ القصص والروايات

أعتقد بأننا شهدنا الكثير من النقاشات حول جدوى قراءة الروايات والقصص مقابل التصنيفات الأخرى. لستُ أنوي تحليل هذه النقاشات أو إعادتها أو إطلاق شرارتها في هذه التدوينة.

يتحدث هوليداي في هذا السياق عن الخطأ الذي يقع فيه القراء عند استبعادهم قراءة القصص والروايات Fiction وتفاخرهم بذلك. والتبرير الذي يقدمه هؤلاء بحسب قوله إنهم مشغولون جدًا وليس لديهم وقت للفن أو الخيال. ويقول إن القصص والروايات هذه مثلها مثل كل الفنون الرائعة، مليئة بالإضاءات التي يمكنها أن تغير حياتك. ويمكنها أيضا أن تعلمك أكثر من الكتب الواقعية حيث إن هناك أبحاثًا علمية ربطت بين قراءة الأدب وتقليل التوتر، وصقل المهارات الاجتماعية، وحسن التعاطف مع الآخرين.

٦-أطلب توصيات الكتب من أحبّتك

اعتاد هوليداي خلال سنوات مراهقته في كلّ مرة يتلقي بشخص ناجح أو مهمّ ويعجب به أن يسأله: ما هو الكتاب الذي غيّر حياتك؟ إذا غيّر كتاب ما حياة شخص -مهما كان موضوعه أو أسلوبه- فمن المحتمل أنه يستحق الانتباه. وإذا كنت سأذهب لأبعد من اقتراح هوليداي وعندما نستنفذ كل التوصيات في دائرتنا المقربة، أحبّ اكتشاف المؤلفات التي يضعها الكتاب والفنانون عمومًا حول مكتباتهم والكتب التي مروا بها هذه نقطة انطلاق أخرى.

٧-ابحث عن الحكمة لا الحقائق

يرى هوليداي أننا لا نقرأ فقط للعثور على أجزاء عشوائية من المعلومات بلا جدوى. نحن نقرأ للوصول إلى الحكمة الحقيقية التي يمكننا تطبيقها في حياتنا اليومية.

٨- لا تعتمد على تجربتك الشخصية في التعلم

يقول الجندي والفيلسوف الجنرال جيمس ماتيس: «إذا لم تكن قد قرأت مئات الكتب، فأنت أميّ وظيفيًا». يخصص هوليداي هذه الفكرة لتوضيح أهميّة الاستفادة من المعرفة التراكمية. إذا كنت حصلت على أموال مستثمر لبدء مشروع جديد لا تهدرها بتجاهلك أخطاء وتجارب رواد الأعمال الآخرين. هو يقول بوضوح: اختصر الطريق واستبعد الأخطاء المتكررة بقراءة تجارب الآخرين. ابحث في التاريخ، والأدب، والمذكرات وأدرس هذه الحكايات وتعلم منها حتى لا تكون مقصرًا.

٩- الكيف مقدمًا على الكمّ

قد تكون هذه هي فقرتي المفضلة! يشير هوليداي إلى الأشخاص الذين يدخلون في سباقات مستمرة بقراءة الكثير من الكتب دون الالتفات لمحتواها. لست مضطرًا لقراءة مئات الكتب، بل إن القراء الذين يضعون لأنفسهم أهداف للقراءة مرتبطة بالعدد ولا يتمكنون من تحقيقها يصابون بالإحباط ويتوقفون عن القراءة تمامًا. اقرأ بانتباه، اقرأ بعمق وبشكل متكرر وليكن هدفك الحصول على الجودة لا العدد.

١٠-تجاوز حبستك القرائية (أو أي حبسة أخرى)

يقول هوليداي أن الطريق للحكمة ليس مستقيما والرحلة طويلة وغير مباشرة وعاصفة ومليئة بالمنعطفات. قد تكون عالقا في منعطف أو حفرة ما على هذا الطريق. يسميه الركود، وأسميه حبسة! قد نمرّ في فترات إرهاق أو احتراق وظيفي أو أن إحدى مشاغل الحياة اعترضت طريقنا ونحن منغمسين تمامًا في تجاوزها.

يقترح هوليداي فكرة جيدة للخروج من هذا الركود وهو العودة لقراءة شيء مؤثر ومحبب. بدلا من التقاط كتاب جديد وعشوائي أو إجبار أنفسنا على القراءة في موضوع لا نحبه. نعود لكتاب لامس حياتنا وأثر فيها. كيف يمكننا قراءته بشكل مختلف اليوم؟ ماذا عن النصوص التي ظللناها والاقتباسات؟ قد يكون هذا الكتاب رواية مفضلة أو قصص قصيرة. لهذا الوقوف أثر طيب، الأثر الذي ذكرني به هوليداي وأعود له دائمًا: إنّ هذه اللحظات تشبه فتات الخبز الذي يربطنا بأنفسنا ويعيدنا إليها.

أحبب قراءة هذه الأفكار كثيرًا وأحببت ترجمتها بتصرف طبعًا.

أتمنى أن تجدوا فيها شرارة تعيدكم للصفحات أو تدفعكم للقراءة بشكل مختلف.

أتطلع للتعرف على استراتيجياتكم المشابهة، وإذا كنتم قد طبقتكم الأفكار أعلاه من قبل، كيف كانت النتيجة؟

الكولاج: جاكلين دي باركر

.

.

.